خواطر كاتبة

المال…زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات؟

Spread the love

                                               

المال…قال الله تعالى :(و ما خلقت الإنس و الجن إلا ليعبدوني )صدق الله العظيم ، في هذه الآية الكريمة أخبرنا رب السماوات و الأرض أن غايتنا في هذه الحياة سوى العبادة و اللجوء إلى الخالق و ما هذه الدنيا إلا متاع و غرور ، لكن كان هذا قبل وجود المال ، لأنه اليوم بوجوده غير غاية الناس ، بل أكثرهم لا يعرفون سبب وجودهم في هذه الحياة ، و بالطبع السبب راجع للمال .

حب المال

الأوراق الخضراء

المال هي تلك الأوراق الخضراء التي غيرت وسيطرة على عقل كل إنسان ، بل صارت حلم كل شخصية في كل هذا الكون ، و صارت الكلمة الأكثر خروجا من الأفواه هي المال ، نعم ، المال و المال ثم المال . الناس اليوم لا يعبدون سواها ولا يركعون إلا لأصحابها . فسحقا لك أيتها النقود ، جعلت بني آدم طماعا ، جعلته غير رحيم جعلته قاسيا ، طردت الإنسانية و الضمير من قلبه ، كل هذا من أجلك ، بل إنهم لا يفكرون حتى في إخوانهم الذين يعانون من الأمراض و الديون المتراكمة عليهم ، بل يكادون لا يملكون قوت يومهم ، و ما  ينظرون إلا إلى مستوياتهم ، مراتبهم ، و إلى خزائنهم لا غير ، بل إنما العائلة و الأصدقاء يعتبرونها أشياء بلا قيمة.

الأعداء المهذبون

أصلا كيف سيجلب لك المال أصدقاء بل سيجلب لك أعداء لكنهم مهذبون ، و بعض الأشياء الأخرى ما هي إلا عائق في هذه الحياة ،تزيد من مشاكل الدنيا و همومها ، هذا ما تحول إليه الإنسان بوجود المال ، وحوش على هيئة بشر ، فمن منا لم يقرأ رواية ألكسندر دوما عن الكونت دي مونت كريستو و التي وصفت ما نحن عليه اليوم، حيث تروي لنا كيف تحول أعز الأصدقاء إلى أعداء من أجل الثروة ، أليس هذا سخيفا ؟ و سبب تافه ، هذا حقا مثير للسخرية ، بل العجب أن بعض أحداثها مقتبسة من الواقع،  نعم ،تجعل الناس لا يفكرون سوى في الحصول عليها ، أيعقل أن الإنسان صار طماعا لهذه الدرجة ؟

التغيير بسبب المال

في الحقيقة إن هذا يبدو لي في غاية الغرابة كلما تعمقت أكثر في مثل هذا الموضوع ، لأنه ليس بالشخص الذي عرفناه طوال تلك السنين تحول إلى هذا الغريب الذي لا نعرفه ولم نصادفه يوما، ربما يقال أن المال يظهر البشر على هيأتهم الحقيقية ، و يسقط قناع كل إنسان ، و يحسب نفسه ملك بين إخوانه ، بل يراهم نظرة استذلال و عبودية ، طبقة من المجتمع لا تستحق هذه الحياة ، و ما هم إلا مشاكل لأمثاله  المتواجدون في الطبقة المخملية ، لأنهم إذا أطلقوا أموالهم فكل السبل ممهدة لهم دون أي عناء ، بل كانت أحلامهم الحصول على المزيد من الأوراق ، و كوابيسهم نقصانها ، أليس هذا غريبا ؟

معادلة المال والعمر

أنا بدوري عجبت ممن يحزن على نقصان ماله فكيف لا يحزن على نقصان عمره ، لأنك في هذه الحياة تسعى دوما لإشباع رغباتك لا غير ، لكن ما يشبع المرء إلا من التراب ليعرف قيمة ما يملك من نعم في دنياه الفانية ، رغم أنه لا يرى نفسه إنسانا إلا عندما يجلس على المائدة بين نوع من المجتمع الذين يتناولون ما يتناوله و يبيتون في مثل ما يبيت ويملكون مثل ما يملك ، في هذه  الحالة يمكن له أن يرى نفسه إنسانا ، عكس عندما يكون جالسا بين الفقراء فإنه يرى إلاه بين عباده الذين لا يملكون ما ملك و لا يعيشون كما عاش و يعيش و لا حتى كيف يحس هو و لم نشعر نحن به .

استحقار الفقير

هذا ما نحن عليه اليوم . و الكل يشهد ذلك و أنا من بين الأوائل . لأننا وبكل بساطة مللنا من هذه الحال مللنا من التكبر مللنا من نظرة الاستصغار و الاحتقار. لكن لا تحتقر أحدا وترى نفسك في القمم فكلنا من طين و ماء و مصيرنا الفناء فالتراب نهاية كل البشر . فما الدنيا إلا كذبة جميلة تدوم أياما معدودات و تمضي ، فسحقا للاستكبار و الاحتقار و حتى الظلم الذي حررتموه ليستولي على حقوق المساكين و يأسرهم. لذا كن إنسانا متواضعا كن نفسك و لا تكن حقودا حسودا ، و شاهد نفسك بعين حقيقية و لا بعين مزيفة تجعلك سلطانا يمقته غيرك أو لنقل من استعبدته سنوات و لم تحسبه إنسا قط و كان ذنبه الوحيد هو العدم ، نعم صدق الشاعر المغيرة بن حبناء حين قال:

الناس أتباع من دانت لهم النعم    و الويل للمرء إذا زلت به القدم

المال عز، و من قلت دراهمه     حي كمن مات، إلا إنه صنم

مالي رأيت أخلائي كأنهم          اثنان : منقبض عني و محتشم

لما رأيت الذين يبدون قلت لهم    أذنبت ذنبا ؟ فقالوا : ذنبك العدم

التجربة في الحياة

ما اقوله و ما اكتبه نعرف أنه نابع من الحقيقة لأنه مستوحاة من تجاربنا اليومية و من واقعنا نحن الإنس، كما أننا نعرف جميعا أنه حتى الأحمق يصبح عملاقا بالمال، في الواقع إن هذا لمن المحرج إظهاره و من الغباء إخفاءه . و قد يكون الظلم و السيطرة التي يتعاملون بها مع الغير . أحداث لا قيمة لها فيما بينهم لكن لمن هم مثلنا متواجدون في طبقة غير طبقتهم . أحداث ذات قيمة عالية لأنها تمثل كرمهم و شرفهم …بل يتمنون الموت على أن تتكرر تلك الأحداث. أو أن يكون الظلم حاكمهم و أسيرهم بالمال. لكن اظلموا من أردتم و متى أردتم ، فالظلم ساعة و دولة الحق إلى قيام الساعة .

امتلاء الجيوب

عندما تمتلئ جيوبكم و مخازنكم وحتى بطونكم  قد ترون أنفسكم بمثابة الملك فرعون الذي لا يقف في طريقه شوك بل كل السبل مفروشة ورد ، لكن ما أنتم إلا إنس أتى للدنيا للامتحان و يمضي للخالق للسؤال . و لا لانتحال شخصية الملوك و الآلهة و تستعبد إخوانك الذين خلقوا كما خلقت . و ما المال و البنون إلا زينة الحياة الدنيا . اعلموا أن مالكم لن يدوم لكم و لن يكون شافعكم يوم السؤال ولا حاميكم ، لذا املكوا من الدنيا ما شئتم لكنكم ستخرجون منها كما أتيتم و جئتم . فما نفع  المال إن كان على المرء أن يموت ؟ فإنه من المحال أن ينقذ المال أحدكم من الموت .

  الفراق…غايتنا العبادة…والأشياء الأخرى ثانوية      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى