أوراق حضارية

وصف الصلاة لـ إيتيان دينيت

Spread the love

وصف الصلاة لـ إيتيان دينيت…إشعاع وردي يبزغ من الأفق، نجوم آفلت، و صوت موزون يرتفع أثناء السكون، في الفجر: ” الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،  لا إله إلا الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، لا إله إلا الله.”

و آخر ترانيم هذا النداء للمؤذن، تتطاير من أعلى مئذنة شامخة فوق المنازل و واحات النخيل ستضمحل في فيافي الصحراء.

المسلمون الذين يغطون في النوم، يشبهون المكفنين في شراشيفهم البيضاء، ينهضون من مرقدهم كالمبعوثين، يسارعون نحو الينابيع (نافورات) أين يتوضئون وأجسادهم نقية وأرواحهم خالصة نقية التفكير، يتجمعون في صفوف طويلة، مرفق بمرفق، متجهون نحو نفس القبل، أي نحو الكعبة الشريفة بمكة.

الجسم مستقيم. الرأس منحني قليلا. العين منكسرة. ثابتة في طيات ملابسهم الطويلة. و كأنهم تحولوا إلى مجموعة تماثيل. إقتداء بالإمام الواقف أمامهم، و بنفس المعنى ينطقون في كل جملة مرحلة من الصلاة بالتكبير: ” الله أكبر’، يرفعون كلهم أيديهم المفتوحة على آخرها و إلى الأعلى على مستوى الصدغ، يشهدون أمام القوي سيد العالمين نشوتهم، ثم الكل بنفس الحركة، ينحون ظهورهم بشدة أمام جلالة العلي، وينحنون بشدة .

التواضع لله…

لكن هذه الحركة لا تكفيهم للتعبير عن تواضع روحهم، فإذن ينخفضون نحو الأرض. يسجدون ويصلون بتقوى. يضعون جباههم وأنوفهم على الأرض. ويبقون على هذه الوضعية لبضعة من الزمن كالمتضرعين تحت وطأة السماء التي تسحقهم والتي من شأنها أن تسجد معهم.. وأخيرا يصوبون صدورهم ويجلسون يصلون، ركبتيهم فوق الأرض. الرأس مثقلة تحت شدة الحمية. تحية السلام مرفوقة بحركة من الوجه على اليمين ثم إلى اليسار، موجهة إلى الملكين الذين لا ينفكا يلازمان كل مؤمن يختتم الصلاة.

ولكن عموما، المؤمنين الذين لا يطلبون شيئا من الله “سبحانه وتعالى” وحتى رغيفهم اليومي، يبقون بعد على نفس الوضعية و يضعون أيديهم المفتوحة على صدورهم  وتحت أعينهم، بطرقة تصفح أوراق الكتاب، يرجون رحمة الإله، للإسلام و لوالديهم والإخلاص لروحهم.

فقط بضعة أجزاء من الصلاة الـ “التكبير” الـ “الفاتحة ” والسلام النهائي. تتلى من الإمام بصوت مرتفع. و فيما يتعلق بحضور المصلي، فإنهم لا يتلون الصلاة إلا في أعماق أفئدتهم . وشفاههم لا تكرر سوى التكبير بهمس بالكاد تدركه الآذان .

وصف خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم لأتيان دينيت

وهذا النصف صمت يضيف لعظمة هذه الإشارات المعبرة والبسيطة… حيث الكرامة تتماشى على أكمل وجه مع التواضع والتي تخلو من العاطفة. وشكل مشهد العبادة الأكثر تأثيرا الذي يمكن أن نتصوره.

في كل يوم…

في كل يوم، في كل لحظة تغير فيها الشمس لون إشعاعها: في الفجر المحمر، وسط النهار الساطع و في عصرها الذهبي وفي غروبها المصفر بحزن زوالها وفي الليل بدفنها تحت الأردية المزرقّة. ليس فقط في المساجد، ولكن أيضا في المنازل والشوارع. في المقاهي والأسواق. في الأرياف والصحاري. زرافات أو وحدانا. أينما كانوا ودون الحاجة لدعوة المؤذن ولا اتجاه الإمام. كل المسلمين عليهم أن يقطعوا إنشغالهم وحتى تفكيرهم لبضع دقائق لتعظيم الخالق ” سبحانه وتعالى”.

منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا، من السواحل الإفريقية من المحيط الأطلسي إلى شواطئ المحيط الهادي بالصين. أكثر من مئتي مليون مؤمن (أكثر من مليار شخص اليوم) يتوجهون خمس مرات في اليوم تجاه بيت الله الحرام بمكة. و ملايين الصلوات تتعالى وترتفع نحو الأعلى مبينة الروح الإسلامية والإمتنان اللذين لن يتغيرا.

إيتيان دينيت / ترجمة سالي سلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى