
في هذه الحياة هناك أشياء جميلة وأخرى حزينة…كما هناك اختلاف في كيفية النظر إلى هذه الأشياء. لكن بالنسبة للماضي ، فلا… لأني أظن أنه لا أحد يراه من الجانب السلبي . بل و كلنا نحمل له مشاعر عاطفية و حنين إلى هذا الماضي (الزمن الفريد ) ….إنها الطفولة

في هذه الحياة هناك أشياء جميلة وأخرى حزينة…كما هناك اختلاف في كيفية النظر إلى هذه الأشياء. لكن بالنسبة للماضي ، فلا… لأني أظن أنه لا أحد يراه من الجانب السلبي . بل و كلنا نحمل له مشاعر عاطفية و حنين إلى هذا الماضي (الزمن الفريد ) . الماضي أو بشكل أفضل الطفولة…الطفولة مرحلة مر بها كل إنسان ، و كل إنسان مر بها إلا و قد أحس بالأحاسيس التي لن يتكرر مذاقها ، و كان كل من ذكر الطفولة إلا و ذكر معها أجمل الأشياء التي حدثت و تحدث معه في هذه الحياة ، لأنه و بكل بساطة رأينا الدنيا ملونة كما تلونت المروج الخضراء و البساتين بشتى أنواع الأزهار الزاهية و الجميلة ، شاهدنا ما لا نشاهده اليوم ، ملكنا ما لا نملكه اليوم .
كانت أكبر همومنا التعرض للحقنة ، و أكبر أحلامنا شراء قطعة حلوة ، و كانت طريقة التسامح عندنا بالإصبع الأصغر(الخنصر) ، لم نكن نعرف ما كان يعني كلمة الكذب، فقد كان كل ما نردده نابع من الحقيقة ، لم نكن نعرف ما معنى الحقد لأننا كنا أصدقاء بكل معنى الكلمة، نفهم بعضنا البعض رغم صغرنا ، نخاف حزنهم و لهذا نفعل كل ما يرضيهم ، و هم كانوا يبادلوننا نفس الطرق و نفس الأحاسيس و الأفكار ، كنا أشبه بالصفحات البيضاء .
منظر الصباح في هذا اليوم الجديد…السماء باسمة صافية، تبعث فيك الطمأنينة …
مغامرات يومية…
كان كل يوم لنا كمغامرة ، لأنه وفي كل يوم اكتشاف جديد في هذه الحياة ، كانت أجمل اللحظات هي لحظة خروجنا من المنزل لرؤية الأحباب ، و للعب في الحقول الملونة ، كنا نركض كما تركض الأرانب في المزارع ، كانت قلوبنا من ذهب ولا من حديد لا تصدأ حتى من قطرة ماء ، و لو كانت منهكة بالتعب ، فذاك كان بالنسبة لنا راحة و متعة لا نحس به ، و إذا فتحنا أبواب المنزل ثانيتا كانت وجهتنا نحو تلك الشاشة الصغيرة مجتمعين ، كانت بمثابة بوابة لقلوبنا ، نسافر خلالها إلى ريمي التي فقدت الكثير و الكثير لكنها لم تفقد الأمل ، و تعلمنا منها ومن سندريلا أن نهاية الصبر كثيرا ما تكون ابتسامة و ليس دمعة ، و أن بعد كل صبر يأتي الفرج و بنهاية جميلة ، استوعبنا الوفاء من ألفريدو و روميو (عهد الأصدقاء) ،كتبنا الكثير كما كتبت جودي أبوت لصاحب الظل الطويل ، كانت أحلامنا بسيطة مثلنا ، كنا نظن أن السعادة في قطف الأزهار و مطاردة الفراشات .

أحلامنا…
كانت أحلامنا حرة كالطيور المحلقة فوق السحاب و لا وجود لعائق لها . كنا نطمح في بناء منزل بدايته لعب و نهايته كبدايته … كانت الشمس هي من ترحب بنا في الصباح و كانت كذلك هي من تودعنا عند غروبها ، كنا كشموع تنير أركان البيت … كنا كالبراعم وسط العائلة و التي كانت حلم بعض العائلات التي حرمت منها ، نعم ، كنا عصافير الدنيا في ذاك الزمان ،أما اليوم ما تبقى سوى تلك الذكريات البلورية ، كانت بالصدق ذكريات فريدة . ذكريات يستحق استرجاعها في الذاكرة .
فليتني كنت طفلا لا يكبر مهما كان ، طال الزمن أو قصر ، حتى لا أكتشف في الدنيا حقد أناسها و عيوبها ، برغم أني عندما كنت صغيرة استعجلت الأيام كي أكبر ، أما الآن لا، أنا أرتجيك أيتها الأيام أن تعيديني إلى طفولتي و تنسيني هناك . فقد قست الحياة علي ، و تغيرت وجهة نظري إليها . بل كلما كبرت زدت اشتياقا إلى ذاك الزمان الذي كنا فيه صفحة بيضاء و حياة صفاء . ثغر باسم و قلب نقي ، و الروح بريئة ، كنا شبه ملائكة . لا تعرف معنى الأنين و العدوان ، كنا مبنيين بالسلام و الوئام … لا غير .
كانت أحلامنا هي الحصول على أكبر عدد ممكن من الألعاب و الحلوى . أما كوابيسنا كانت الذهاب إلى المدرسة . لكن و مع كل ذلك عشنا حياة أشبه بالنعيم . حياة لن تتكرر سواء بتلك اللحظات أو بتلك الحلاوة . أو حتى بتلك الشخصيات ، عكس اليوم تماما .
الرجوع إلى الماضي
كل شيء أصبح مرا ، الحياة كل يوم تبدوا أكثر مللا ، كل إنسان ينظر لمصالحه ، و لا لأصدقائه . الكل يتهرب من أخيه و لم يبق حبل الشوق من يبقيه . نعم ، هذه هي الحقيقة علينا تقبلها رغم مرارتها .
قد تبدو هذه الأشياء سخيفة ، لكن لا ، بل إنها ذو قيمة لا تقارن مهما كان ، لا أعرف إن كانت القلوب هي التي تتغير بواسطة الزمن ، أم أن هذا ما يدعى بالكبر ؟ في الواقع إنها أسئلة غريبة ، و في نفس الوقت محيرة ، فيا أيتها الدنيا أرجعينا إلى ماضينا إلى زماننا أرجعينا ، حيث بيوتنا الصغيرة أسكنينا ، و عن هذه الأيام أبعدينا ، و من فضلك لا تخيبنا ، فهذه اللحظات لم تعد كسابقها ، بل إن ما يتقدم هو أكثر مخاوفنا .
فيا سادة دعوا أولادكم يعيشوا الطفولة ، لأنها أثمن ما في هذا العمر و أغلى هدية تقدمها الحياة للإنسان ، و كلنا نعرف أنه من بين أكبر أمانينا هو العودة إلى الماضي و هذا فقط لعيش بضع لحظات صغيرة من الطفولة ، لكن هيهات على أجمل أيام العمر أن تعود ، ليبقى الماضي مجرد رواية جميلة لن تتكرر .
بقلم: ريمة جريدي
اتمنى ان تكملي على هذا المنوان و تصبحين كتابة مشهورة
شكرا