آخر الأخباردوليا
أخر الأخبار

31 ماي الجنوب إفريقي

استقلال الأقلية وقمع الأغلبية

Spread the love

31 ماي الجنوب إفريقي
استقلال الأقلية وقمع الأغلبية

يُعدّ تاريخا 31 ماي 1910 و31 ماي 1961 محطتين مفصليتين في التاريخ السياسي لجنوب إفريقيا، إذ يرمزان من جهة إلى ميلاد الاتحاد الجنوب إفريقي، ومن جهة أخرى إلى إعلان الجمهورية، لكن هذه “الاستقلالات” كانت حكرًا على الأقلية البيضاء، بينما كانت الأغلبية السوداء في كل مرة تدفع ثمنًا باهظًا من الإقصاء والتهميش، في مسار طويل من تكريس التمييز العنصري وترسيخ سياسة الفصل التي بلغت ذروتها في نظام الأبارتايد.

اتحاد على مقاس البيض
في 31 ماي 1910، توحدت أربع مستعمرات بريطانية سابقة (رأس الرجاء الصالح، ناتال، ترانسفال، ودولة أورانج الحرة) لتُشكّل “الاتحاد الجنوب إفريقي”، وهو كيان جديد يتمتع بالحكم الذاتي تحت التاج البريطاني، لكن تحت سيطرة سياسية كاملة من البيض.

لم يكن لهذا الاتحاد أي طابع تمثيلي أو تعددي، بل كان تأسيسًا لنظام يقصي السكان الأصليين من كل أشكال المشاركة. فالقوانين العقارية والانتخابية التي سنّت لاحقًا كرّست التفرقة العنصرية منذ المهد، لتُهيئ الأرضية لتجسيد الأبارتايد قبل إعلانه الرسمي.

جمهورية الأبارتايد
في 31 ماي 1961، أعلنت جنوب إفريقيا نفسها جمهورية مستقلة وانسحبت من الكومنولث البريطاني. وقد رُوّج لذلك الحدث حينها كإنجاز “وطني”، بينما كان في الواقع تتويجًا لسلطة نظام قومي أبيض بقيادة هندريك فيروورد، أحد أبرز مهندسي سياسة الأبارتايد.

جاء إعلان الجمهورية في خضم قمع دموي للحركات المناهضة للفصل العنصري، خاصة بعد مجزرة شاربفيل عام 1960 التي أودت بحياة 69 متظاهرًا. تلاها حظر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي واعتقال قادته. هكذا وُلدت الجمهورية على أنقاض الحقوق، لتُعمّق من القمع وترسّخ سيادة أقلية على حساب الأغلبية الساحقة.

تغييرات شكلية بلا تداول
بين 1910 و1961، لم تعرف جنوب إفريقيا تداولًا حقيقيًا للسلطة، بل كانت كل التحولات السياسية تصبّ في خدمة مشروع واحد: الحفاظ على امتيازات الأقلية البيضاء. فالسيادة في تلك الحقبة لم تكن إلا أداة لتشريع الإقصاء وتقنينه، في ظل غياب تام لأي تمثيل حقيقي لشعوب البلاد.

المقاومة: من الصمت إلى السلاح
أمام هذا الواقع، لم يبق الصوت الإفريقي مكتومًا طويلاً. فمع خمسينيات القرن الماضي، برزت أسماء كبرى مثل نيلسون مانديلا، أوليفر تامبو، ستيف بيكو، ووالتر وألبرتين سيسولو، لتقود نضالًا سلميًا تحوّل لاحقًا إلى مقاومة مسلّحة. في العام نفسه لإعلان الجمهورية، أنشأ حزب المؤتمر الوطني جناحه العسكري أومخونتو وي سويزوي (رمح الأمة)، ودخل مرحلة الكفاح السري.

الدرس الإفريقي: التحرر لا يعني الحرية
تُذكّرنا تجربة جنوب إفريقيا بأن الاستقلال الرمزي لا يعني بالضرورة التحرر الحقيقي، فالدولة قد تتغير تسميتها دون أن تتغير بنيتها الإقصائية. وما لم تكن السيادة معبّرة عن إرادة الشعوب، فلن تكون إلا وهمًا ملوّنًا بالرايات والنشيد الوطني.

ذاكرة حارسة لمستقبل أوضح
في خضم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بجنوب إفريقيا المعاصرة، يبقى استحضار يومي 31 ماي واجبًا أخلاقيًا. ليس لتخليد لحظات سياسية رسمية، بل لاستذكار نضال الشعوب ضد الزيف الاستقلالي، ومواصلة التطلع نحو قارة إفريقية موحّدة، عادلة، لا يُقصى فيها أحد.

بطاقة تاريخية – تسلسل قمعي

1902: نهاية الحرب الأنغلو-بورية

1910: إنشاء الاتحاد الجنوب إفريقي

1913: قانون الأراضي – 93% من الأراضي مُخصّصة للبيض

1948: بداية تطبيق نظام الأبارتايد

1960: مجزرة شاربفيل

1961: إعلان الجمهورية

1990: الإفراج عن نيلسون مانديلا

1994: أول انتخابات ديمقراطية متعددة الأعراق

كاميليا أ
ترجمة أنيسة ب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى