أوراق حضاريةشهيد و ذاكرة

العربي بن مهيدي،رجل صدق الله ما وعد، شهيد لأصغر فرد في عائلته…

Spread the love

أصغر فرد لعائلة ريفية ميسورة الحال متكونة من ثلاثة إناث و ذكرين اثنين، و لد في قرية الكواهي في عين مليلة (40 كلم جنوب قسنطينة). بعد سنة في مدرسة إبتدائية فرنسية في مسقط رأسه، غادر إلى باتنة حيث حصل على شهادة التعليم الابتدائي… ثم شرع في دراسة الثانوية ببسكرة. و في 1939، انظم إلى صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية، و في غضون أشهر قليلة، أصبح قائد المجموعة الكشفية.

عمل بن مهيدي فيما بعد كمحاسب في مصلحة خدمة الهندسة المدنية ببسكرة، ثم استقر في قسنطينة حيث كان قريبا من جمعية العلماء…و بالأخص كان قريبا جدا من مبارك الميلي.

كما أصبح ناشطا فعالا في حزب الشعب الجزائري (PPA) . انخرط بن مهيدي في حركة أحباب البيان و الحرية(AML) المؤسس من طرف عباس و شارك في مؤتمر مارس 1945.

توقيف البطل

تم توقيفه بعد جرائم القتل في 08 ماي 1945. (ح ش ج ) وأصبح حزب الشعب الجزائري سريا بعد 1945. انظم بعدها لحركة انتصار الديموقراطية (MTLD) وأصبح إطارا في المنظمة الخاصة (OS). عندما تم تفكيك هذه المنظمة في 1950… تم البحث عنه مرة أخرى و حكم عليه غيابيا بالسجن عشر سنوات من أجل ” نشاطات مغرضة و أعمال غير قانونية “.

و في أفريل 1954، كان بن مهيدي واحد من التسعة المؤسسين للجنة الثورية للوحدة والعمل والتي تحولت في 10 أكتوبر 1954 إلى جبهة التحرير الوطني والتي قررت تاريخ 1 نوفمبر 1954 كتاريخ إنطلاق الحرب للاستقلال الجزائري.

أوكلت إليه جهة وهران ( ولاية  Vإبتداء من 1956) التي كانت أولى مسؤولياته، و كان ينظمها على نحو فعال رغم الصعوبات.

في عام 1956، ترك قيادة الولاية V، أصبح عضوا للمجلس الوطني للثورة الجزائرية .

عين على رأس المنطقة المستقلة في الجزائر، شارك في منظمة الهجمات الأولى في العاصمة ( بما في ذلك سبتمبر 1956). و في جانفي،  خاض الحاكم العام روبرت لاكوست معركة الجزائر، مسلما لمظليي الجنرال ماسو سلطات الشرطة في منطقة ساحل الجزائر.

تم توقيف لعربي بن مهيدي في 23 فيفري 1957 من طرف المظليين بوجهة (la ZAA) انتقلت بالنيابة إلى ياسف سعدي، مسؤول عسكري رافضا الحديث تحت وطأة التعذيب. قتل من طرف مجموعة من الجنود الفرنسيين بأمر من بول أوساريس جنرال المستقبل، في ليلة من 03 إلى 04 مارس 1957.

الفيلم الوثائقي

في الفيلم الوثائقي لإيف بواسي حول معركة الجزائر الذي أخرج في 2006، الكولونيل جاك أليغ ملازم أول في تلك الفترة، الذي أوقف العربي بن مهيدي 1957، يقول في حديثه: ” إذا رجعت إلى الانطباع الذي تركه عندي، في الوقت الذي ألقيت القبض عليه، وجميع الليالي التي تحثنا فيها مع بعضنا … وددت أن يكون بجانبي قائدا مثله، وددت أن يكون إلى جانبنا  الكثير من الرجال من حجم هذه الشخصية ومن هذه القيمة. لأنه كان السيّد بن مهيدي. بن مهيدي كان مثيرا للإعجاب بالهدوء، الوقار،  القناعة. حينما كنت أتحدث إليه وكنت أقول له : ” أنتم قائد التمرد، هاأنتم بين أيدينا … ضاعت معركة الجزائر” استقرأت قليلا : ” حرب الجزائر ضيعتموها الآن”. يقول: ” لا تصدق ذلك؟ ” ويذكرني بأناشيد المقاومة، أنشودة المقاتلين: سيأخذ مكاني آخر. هذا ما قاله لي. بن مهيدي.

يحزّ في نفسي مفارقته، لأنني كنت أدرك أننا لن نراه مجددا. توجست ذلك.” ” أرجعته إلى قائد الأركان، وإلى فرقة جاءت للبحث عنه… وكانت الليلة، مع أنه يتنافى والقانون…وقدمت له تحية الجنود (السلاح)، لأنه يجب الاعتراف للخصم بالشجاعة والقيمة. وبن مهيدي كان بالنسبة لي سيّدا عظيما و على أية حال فإن إسمه … في المقاومة … كان أكيم، بمعنى : الحكيم.” ” وبعدها أعيد للمحكمة ، في مخيم الحجز، وعلمت عن طريق الصحافة، الجرائد، وكل كتب التاريخ التي قرأتها، أنه انتحر في خليته في 4 مارس…”

في 2001، في كتابه المخابرات الخاصة، الجزائر 1955-1957(طبعة بيرين)، إعترف الجنرال أوسوريس بأنهم نفذوا حكم الإعدام بدون محاكمة، عملية شنق تحول إلى انتحار، للعربي بن مهيدي، في الليلة من 3 إلى 4 مارس 1957. الحقائق التي ارتكبت بتسلسل الرضا الضمني للقيادة العسكرية، والقاضي الذي قرأ التقرير حول الانتحار المزعوم قبل أن يحدث هذا.

وفي مقابلة لصحيفة لومند بتاريخ 5 مارس 2007…استرجع أوساريس آخر ساعات العربي بن مهيدي، حيث أخذ إلى الجزائر في متيجة، إلى مزرعة تابعة لمستوطن متطرف تحولت لغرض آخر.  استعد ستة من بينهم أوساريس لتنفيذ حكم الإعدام بنقل حبل عن طريق أنبوب التسخين. لعب واحد من رجال العسكريين دور المعذّب للتأكد من أن كل شيء على ما يرام (في المحور). صعد على المقعد ومرر برأسه داخل العقدة ونظر إلى الآخرين ما تسبب في موجة ضحك عام . أراد المظلي أن يعصّب عيني بن مهيدي، الأمر الذي رفضه العربي … رد الجندي بأنه ينفذ أمر. رد بن مهيدي بأنه عقيد في ALN  وأنه يعرف ما هي الأوامر . رفض طلبه وتم شنقه معصوب العينين.

 

الأمير عبد القادر، رائد المقاومة الشعبية ضد الإستعمار الفرنسي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى