
المرء في حياته يواجه مصائب، و مشاكل عدة، يفقد أخاه، يخسر ثروته، يضيع حلمه، ينحرف رمح قوسه عن هدفه….نعم !كل هذا يقابله الإنسان في حياته و لا ننكر ذلك ، لكن تخيل أنه كلما وشكت أن تغرق في بحر غواصك ، أتى ذلك الإنسان في قارب نجاته ليأخذك معه كما يفعل في كل مرة تكرر هذا الموقف معك دون ملل أو كلل ، هذا لأن قلبه ينبض على اسم الوفاء .
الوفاء هو أن يكون سندا لأعز امرئ لقلبه، في أي مكان و آن، أن يصدقك عندما يكذبك الجميع، أن يثق فيك عندما لم يفعل الكثير، يكون مستعدا لسماع ألمك و مواساتك في أسوء ظروفك ، مستعد لسماع حديثك عشرات المرات بل مئات المرات في اليوم ، رغم أنه نفس الحديث لكن في كل مرة تقصه له يتصرف و كأنه أول مرة يسمعه دون ملل يذكر، هذا لأن الوفاء يسري بدمه ، لأن الصدق و الإخلاص كانا عنوان حياته ، بل و لأن الثقة في قلبه فطرة لا تمحى ، يكون مستعدا للموت على سبيل الحفاظ على أسرار حياتك ، لأنه وفي ، يكون ملجأك في أسوء أيام حياتك ، لأنه مخلص ، يكون حصنك من الآلام من الخطر من الصدمة هذا لأنه يحبك لأنك صديقه ، و لأنه وفي لك .
تخيل أنك في هذه الحياة بدون هذا الوفي، كيف سيكون طعم عمرك ؟ كيف سيكون مظهر نهارك ؟ طبعا لا طعم له بل كل شيء أخذ اللون الرمادي، كل الألوان اختفت !من في رأيك سيسمع لك ؟ لمن ستحكي وجعك ؟ على أي كتف ستبكي بعد الآن ؟ من سيرجع الحاء الضائعة من ألامنا،كما يفعل في كل مرة تسقط ، نعم !ستكون الإجابة و بكل بساطة لا أحد لأنه هو الواحد كان يمثل الجميع كان يمثل الكل، لن يكون له بديل، لن يكون له مثيل، فالعلاقة التي تربطكم أشبه كالعلاقة ما بين العين و اليد، إذا تألمت اليد بكت العين و إذا بكت العين مسحتها اليد،لا أحد يستغني عن الآخر ، و بالمناسبة لا تظن أن أول شخص قابلته في الطريق سيكون هدية عمرك ، فلا تتوقع الوفاء من أي كان .
وإليكم من بين أجمل ما قرأت عن الوفاء :
قال جندي لرئيسه: صديقي لم يعد من ساحة المعركة سيدي !
أطلب منك الإذن للذهاب و البحث عنه ؟
الرئيس: الإذن مرفوض.
أضاف قائلا: لا أريدك أن تخاطر بحياتك من أجل رجل من المحتمل أنه قد مات.
الجندي دون أن يعطي أهمية لرفض سيده، ذهب و بعد ساعة عاد و هو مصاب بجرح مميت حاملا جثة صديقه.
كان الرئيس معتزا بنفسه:لقد قلت لك أنه مات.
قل لي أكان يستحق منك كل هذه المخاطرة للعثور على جثته ؟
أجاب الجندي محتضرا: بكل تأكيد سيدي.
عندما و جدته كان لا يزال حيا.
و استطاع أن يقول لي: كنت واثقا أنك ستأتي.
هذا بالضبط ما يسمى الوفاء .
ريمة جريدي