الرئيسيةدوليا
أخر الأخبار

لا سيادة تحت الطلب

الجزائر تردّ الصاع صاعين لفرنسا

Spread the love

لا سيادة تحت الطلب
الجزائر تردّ الصاع صاعين لفرنسا

في خطوة تاريخية تؤكد أن زمن الاستخفاف بالجزائر قد ولى، وفي زمنٍ تراجعت فيه قوة القطب الواحد، وتقدّمت فيه الأمم بعزيمتها، ها هي الجزائر تُسطّر فصلاً جديداً في كتاب السيادة الوطنية وتلقّن باريس درسًا جديدًا في احترام الأصول الدبلوماسية.

الجزائر قرّرت، عن جدارة واستحقاق، طرد 12 موظفًا تابعًا للسفارة الفرنسية وممثلياتها من أراضيها، بعد ثبوت تورطهم في أنشطة مشبوهة تتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية وتمسّ صميم السيادة الوطنية. قرارٌ لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة حتمية لتراكمات خطيرة وتحرشات سياسية وأمنية مستمرة، مارستها باريس بنزعة استعمارية مقيتة… لقد استكثرت فرنسا على الجزائر أن تحمي كرامة أبنائها، واعتقدت -بغرور المتعجرف- أن صفعة الاعتقال المهين لمواطن جزائري ستمرّ كما مرت إهانات الأمس. لكن الجزائر اليوم ليست جمهورية المساومة، بل دولة السيادة. فكان الرد مدوّيا، غير قابل للتأويل: أنتم مطرودون، والجزائر لا تساوم على كرامتها.

باريس أصيبت بالذهول. لم تتوقع أن يأتيها الرد بهذه السرعة وهذه الصرامة. فخرج وزير خارجيتها على عجل، يتلعثم في مؤتمراته الصحفية، يطلب “تفاهما” ويحثّ على التراجع عن القرار، وكأنّ الجزائر تخضع لضغط أو ترضى بابتزاز… أي وقاحة تلك؟ وأي جنون هذا الذي أصاب عقول ساستها؟ لقد تجاوزت فرنسا كل حدود اللباقة، فكان لا بد أن تصطدم بجدار السيادة الجزائرية. ظنت فرنسا أنها تُخيف الجزائر بتصريحات مهزوزة، فإذا بها تُثير السخرية والشفقة معًا. غطرسة متأصلة، لكن الجزائر تعودت على تلقينها دروس الانكسار.

فرنسا، التي لم تستوعب بعد أن الجزائر استعادت قرارها الحر، فوجئت بالعين الحمراء التي طالما راودتها في كوابيس نومها. تلك العين التي تظهر فجأة عندما يتوهّم البعض أن الجزائر لا تملك إلا الصبر. فإذا بها تراها يقظة، في وضح النهار، من خلف حدودها، تُحدّق في وجه الوقاحة… لقد زلزل قرار الطرد صالونات الإليزيه، وأربك السفارة الفرنسية بالجزائر، وفضح هشاشة المنظومة الدبلوماسية الفرنسية أمام شعوب العالم. فرنسا التي أرادت خنق الجزائر بحيلها الناعمة، وجدت نفسها مخنوقة أمام شموخ دولة رفضت أن تنحني.

لم تنم فرنسا ليلتها. فالهاتف الأحمر لم يصمت، والدوائر السيادية كانت على أهبة الاستنفار، تبحث عن منفذ تخرج منه بأقل الأضرار. لكن الجزائر لم تمدّ لها يد التراجع، بل قدّمت لها درسًا جديدًا في كيف تكون الدول ذات سيادة فعلية… وها هي فرنسا تركع جاثمة على ركبتيها، مستنجدة بالسيد تبون، تلتمس منه الصفح، وتطلب منه تجاوز ما بدر منها. لكنها نسيت أن الجزائر لا تُدار بالعواطف، بل تُحكم بمبدأ: “لكل فعل رد، ولكل تجاوز عقوبة”.

لقد أرادت فرنسا اختبار أعصاب الجزائر، فوجدت نفسها تحترق بنار السيادة التي لا ترحم. أرادت استفزازها، فإذا بها تُصفع أمام العالم، وتعود تجرّ أذيال الخيبة، تتوسل تراجعًا لن تناله، وتهمس برجاء لن يُسمع… الجزائر لم تُرعبها المدافع يومًا، فكيف يُرعبها خطاب دبلوماسي مهزوز؟ لم تخلع عباءة السيادة منذ الاستقلال، ولن تفعلها لأجل جمهورية تحنّ إلى استعمارٍ دفنّاه بالدم لا بالكلام.

فرنسا اليوم لا تواجه مجرد قرار طرد، بل تواجه الجزائر الجديدة: جزائر العين الحمراء، والقرار السيادي، والكبرياء الوطني. جزائر تُجيد فن الصمت حين يجب، لكنها حين تنطق، تُزلزل العروش.

فليكتب التاريخ: الجزائر رفعت صوت السيادة… فركعت فرنسا

أنيسة براهنة

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. هذا الموقف يعبّر بحق عن نضج السيادة الجزائرية واستقلال قرارها السياسي
    طرد الموظفين الفرنسيين هو رسالة قوية بأن الجزائر لم تعد تقبل الإملاءات أو التجاوزات، وأن زمن الصمت على الاستفزازات قد انتهى
    إنه موقف يعيد ويظهر الهيبة للدبلوماسية الجزائرية ويعزز ثقة الشعب في دولته.

  2. الجزائر أثبتت مرة أخرى أنها دولة ذات كرامة وقرار حر
    لا تخضع للابتزاز السياسي ولا تركع
    هذا الرد الصارم هو تعبير صادق عن جزائر جديدة تضع مصلحة شعبها فوق كل اعتبار، وتجيد الرد بحزم.
    تحيا الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى