
حمض نووي عمره 4800 سنة يميط اللثام عن صلات وراثية بين مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين
كشفت دراسة جينية حديثة، أجراها فريق دولي من الباحثين، عن معطيات قد تعيد رسم خريطة العلاقات الثقافية والإنسانية في العالم القديم. فقد أظهر تحليل الحمض النووي المستخرج من هيكل عظمي عمره 4800 سنة، عُثر عليه في موقع نويرات بمصر، وجود صلة وراثية لافتة بين سكان وادي النيل وشعوب بلاد الرافدين.
وقد تم استخلاص المادة الوراثية من ضرسين محفوظين للهيكل، الذي عُثر عليه داخل حجرة دفن مغلقة منحوتة في الصخر. وتشير التقديرات إلى أن صاحب الهيكل كان حرفيًا تجاوز الستين من العمر، عاش في أواخر الفترة ما قبل الأسرات أو مطلع الدولة القديمة، في مرحلة انتقالية حاسمة شهدت فيها مصر تحولات سياسية وثقافية كبرى.
نتائج التحليل الجيني كشفت عن روابط غير متوقعة مع مجموعات بشرية استوطنت ما يُعرف اليوم بمنطقة بلاد ما بين النهرين، حيث ازدهرت آنذاك مدن حضارة سومر. هذا الارتباط الوراثي العتيق يعزز من فرضية وجود تفاعلات بشرية عابرة للمسافات، سبقت بكثير نشوء الطرق التجارية الرسمية.
وتُسلط هذه النتائج الضوء على جانب مغفَل من تاريخ القارة الإفريقية، مؤكدة أن الحضارات الإفريقية، وعلى رأسها مصر القديمة، لم تكن بمعزل عن مراكز الحضارة الأخرى، بل كانت فاعلة في شبكات تواصل وتبادل مركّبة. كما تبرز الدراسة الدور المتنامي لعلم الجينوم القديم كأداة حديثة لإعادة قراءة السرديات التاريخية السائدة بنظرة أكثر شمولًا وإنصافًا.



