
الذاكرة تُنشد تراثها في النعامة: المسرح الجهوي يُحيي تاريخ الأبطال بندوة فكرية مميزة
في تماهٍ بديع بين عبق التراث ونداء الذاكرة، وتزامنًا مع شهر التراث الوطني، احتضن المسرح الجهوي “أمحمد بن قطاف” بولاية النعامة ندوة تاريخية راقية، تخليدًا لليوم الوطني للذاكرة الموافق للثامن من ماي، الذي يحمل في طياته جراحًا استعمارية غائرة وملامح بطولة خالدة لشعب لم يركع.
الندوة، التي جاءت في إطار سلسلة النشاطات الفكرية والثقافية المنظمة محليًا، جمعت ثلة من الباحثين والمؤرخين والمهتمين بالشأن التاريخي والتراثي، والذين أثروا اللقاء بمداخلاتهم العميقة، التي نسجت خيوطًا فكرية بين الماضي والمستقبل، مستحضرين مجازر 8 ماي 1945 كصفحة دامية في سجل الاستعمار، وكنقطة مفصلية في مسار الثورة التحريرية المباركة.
لم تكن الندوة مجرد وقفة مع الذاكرة، بل كانت منصة لتأصيل التاريخ في الوجدان الجمعي، وتحويله من مجرد سرد زمني إلى فعل ثقافي ومعرفي يرسّخ في الأذهان دروس الصمود ويستنهض في النفوس قيم الانتماء. كما أضفت شهادات بعض المجاهدين والفاعلين التاريخيين أبعادًا إنسانية حية، لامست الوجدان وذكّرت الأجيال الجديدة بثقل الأمانة التاريخية الملقاة على عاتقها.
وقد أكّد مدير المسرح الجهوي في كلمته الافتتاحية على أهمية ربط الذاكرة الوطنية بالإبداع الفني، مشيرًا إلى أن المسرح، بصفته منبرًا ثقافيًا جامعًا، يضطلع اليوم بدور محوري في صون الذاكرة الشعبية، وفتح مساحات للنقاش الحر والمسؤول حول قضايا الهوية، الذاكرة، والمستقبل.
في النهاية، خرج الحضور من القاعة لا يحملون فقط معلومات تاريخية، بل يرافقهم شعور عميق بالامتنان، ووعي متجدد بأهمية التمسك بالذاكرة الجماعية، كخط دفاع رمزي في وجه محاولات النسيان أو التشويه، وليظل التاريخ شاهدًا حيًا على تضحيات شعب كتب حريته بالدم والنار.
مراسل ولاية النعامة
البودالي ربح الله