
شرعت الجزائر رسميًا في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروعها الصناعي العملاق لإنتاج العجلات المطاطية الذكية، في استثمار يُعد من بين الأكبر في تاريخ الصناعات التحويلية بالبلاد. وقد أعلنت شركة الحاج العربي للصناعة (SHLI) عن إسناد إنجاز “ورشة خلط المطاط الكبرى” إلى شركة المقاولة العامة الجزائرية ركيمة (EG REKIMA)، وذلك في إطار أشغال المصنع الضخم الجاري تشييده بالمنطقة الصناعية “الحامول” في بلدية طفراوي بولاية وهران.
وجاء اختيار شركة ركيمة بعد تقييم شامل للعروض المقدمة من مؤسسات محلية وأجنبية، حيث وقع الاختيار على هذه الأخيرة لما تمتلكه من خبرة واسعة في تنفيذ المشاريع الكبرى في قطاع الإنشاءات. وتشكل هذه الورشة الوحدة الأساسية للمصنع و”القلب النابض” لسلسلة إنتاج العجلات.
ويُعد هذا المشروع من أبرز المشاريع الصناعية الحالية في الجزائر، بحجم استثمار يُقدّر بـ 50 مليار دينار جزائري، وبتطلعات طموحة لإرساء صناعة وطنية متقدمة تعتمد على تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة (4.0)، بما يشمل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والأنظمة المؤتمتة، بالشراكة مع العملاق التكنولوجي الصيني DOUBLESTAR TIRE، المتخصص عالميًا في صناعة الإطارات.
وتسعى شركة SHLI في مرحلتها الأولى إلى بلوغ طاقة إنتاجية تصل إلى 7 ملايين عجلة سنويًا، من بينها مليون عجلة مخصصة للمركبات الثقيلة، على أن ترتفع تدريجيًا إلى 22 مليون عجلة سنويًا في مراحل لاحقة، مع استكمال وحدات إنتاج إضافية في ولايات أخرى، في إطار إستراتيجية توسع تواكب السوق المحلية وتدعم قطاع تركيب السيارات، وتفتح في الوقت نفسه آفاقًا تصديرية نحو الأسواق الإفريقية والدولية.
ورغم التحديات التقنية التي فرضها الموقع الجغرافي للمصنع بسبب طبيعة الأرض السبخة وترسّباتها الأرجيلية، والتي تطلّبت تدخلات تقنية معقدة زادت من تكاليف التهيئة، إلا أن وتيرة الأشغال تتواصل بانتظام ودقة، مع احترام للآجال المحددة، حيث يُرتقب استكمال المشروع نهاية سنة 2026.
وسيساهم هذا القطب الصناعي في خلق أكثر من 2000 منصب شغل مباشر، إلى جانب آلاف فرص العمل غير المباشرة ضمن شبكات التوريد والخدمات والتوزيع، مما يجعله دعامة اقتصادية حيوية في غرب البلاد، ونموذجًا ناجحًا للشراكة بين الكفاءات الجزائرية والخبرة الدولية.
وفي إطار استكمال المشروع، تعتزم شركة SHLI الإعلان قريبًا عن مناقصات جديدة لإنجاز ورشة التصنيع الكبرى وورشة المواد الأولية، من أجل ضمان التكامل الوظيفي بين وحدات المصنع، وترسيخ منظومة صناعية متكاملة. وقد أكدت الشركة التزامها بأعلى المعايير التقنية والهندسية، لتحقيق جودة عالية وتنافسية قوية في الأسواق الإقليمية والدولية.