التدخين… عدوان بلا هوادة

التدخين… عدوان بلا هوادة

في الحادي والثلاثين من مايو كل عام، تتحد الأصوات العالمية لتحيي “اليوم العالمي للامتناع عن التدخين”، والذي أقرّته منظمة الصحة العالمية دعوةً للحد من هذه الآفة القاتلة التي لا تزال تحصد الأرواح بصمتٍ وبوتيرة مقلقة.

تهديد لا يرحم

يعدّ التدخين من أكبر التحديات الصحية التي تواجه البشرية اليوم، إذ تُظهر الإحصائيات العالمية أن نسبة المدخنين حول العالم من سن 15 عامًا فما فوق تبلغ 17.3%. الأخطر من ذلك، أن التدخين بات شائعًا بصورة أكثر فتكًا بين الفئة العمرية من 45 إلى 54 سنة، حيث تسجل أعلى نسبة مدخنين بـ22.5%.

التدخين… عدوان بلا هوادة

وعلى الرغم من انخفاض نسبة المدخنات الإناث إلى 0.2% مقارنة بـ34.2% بين الذكور، فإن الأثر الصحي والاجتماعي يطول الجميع دون استثناء. فالتدخين لا يقتصر خطره على المدخن فحسب، بل يمتد إلى المحيطين به، حيث يتعرض نحو 30 مليون شخص سنويًا للتدخين السلبي بسبب وجود فرد مدخن واحد أو أكثر داخل الأسرة.

وفيات يمكن تفاديها

بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يودي التدخين السلبي بحياة مليون شخص سنويًا، بينما تُعزى 25% من حالات الوفاة بسرطان الدم مباشرة إلى التبغ. الأدهى أن السجائر الإلكترونية، التي يُروج لها كبديل “أقل ضررًا”، قد أثبتت الدراسات أنها تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية والسرطانية بدرجة كبيرة، خصوصًا لدى المراهقين.

ولا يخفى أن التبغ يُتهم علميًا بالتسبب في تسوّس الأسنان وسرطانات الفم، إضافةً إلى فقدان حاسة التذوق، وتلف أنسجة الجهاز التنفسي. إنها أضرارٌ تتفاقم بصمت، وتتسلل إلى الجسد دون رحمة.

لم تعد مكافحة التدخين خيارًا فرديًا بل مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود من الحكومات، والمؤسسات الصحية، ومنظمات المجتمع المدني، مثلما يفعل الهلال الأحمر الجزائري في توعية المواطنين وتقديم المساعدة للمدمنين على الإقلاع عن التدخين.

فاليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يقف العالم أمام اختبار أخلاقي وصحي: إما أن نختار الصمت والركون إلى العادة، أو أن نرفع الصوت عاليًا دفاعًا عن الصحة والكرامة الإنسانية.

إن “اليوم العالمي للامتناع عن التدخين” ليس مجرد شعار عابر، بل هو دعوة صادقة لبداية جديدة، حياة بلا دخان، ومستقبل بلا أمراض.

فريد ب