
ماكدونالدز مقابل التطبيع! ترامب يُوقّع اتفاقًا مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع على متن الطائرة الرئاسية
من مراسلنا الخاص بين الرياض والدوحة
في مشهد لا يحدث إلا في عالم السياسة “الخيالية الواقعية”، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو على متن الطائرة الرئاسية “إير فورس وان”، أنه أجرى “لقاء مهمًا” مع من وصفه بـ”الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع”، وناقش معه إمكانية انضمام سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية، مقابل “شوية استقرار، وشوية كهربا، وربما بلكونة على البحر”.
وبينما كان ترامب يحدّث الصحفيين وهو يقضم قطعة من وجبته المفضلة من ماكدونالدز، قال بنبرة الواثق الذي يصنع السلام بين قضمتين: “قلت له (الشرع): آمل أن تنضموا إلى الاتفاقات الإبراهيمية بمجرد أن تستقر الأمور، فقال نعم، لكن أمامهم الكثير من العمل”. لم يكن واضحًا من هو “الشرع”، ولا متى أصبح رئيسًا انتقاليًا، لكن ترامب بدا سعيدًا جدًا بهذا التطور الجيوسياسي.
من هو أحمد الشرع؟ سؤال بلا إجابة
الرئيس الشرع ظهر حسب رواية ترامب في اتصال “غير رسمي لكن مهم”، حيث كان يرتدي عباءة ذهبية وخلفه خريطة لسوريا… مقلوبة. ويبدو أن “الشرع” هو نتاج استفتاء إلكتروني تم على منصة “إكس”، حيث اختار عدد محدود من المستخدمين اسمه من بين قائمة تضم “أبو نضال”، و”ابن خالة الرئيس السابق”، و”مراسل قناة تلفزيونية افتراضية”.
ووفقًا لما نُقل، فإن الشرع عبّر عن انفتاحه على التطبيع قائلًا: “نحن مع أي اتفاق فيه كاميرات ومؤتمرات وصور رسمية، فقط وفروا لنا كهربا، وواي فاي محترم، وبلكونة نطل منها على المتوسط”.
المترجم.. بطل الرواية الحقيقي
لكن الحدث الحقيقي لم يكن “الشرع” ولا “ترامب”، بل المترجم المرافق الذي ترجم “نحتاج كهربا وبلكونة” إلى: “نرحب باتفاق سلام شامل، ومستعدون لتوقيع كل شيء الآن”. وهو ما دفع ترامب لإعلان اتفاق رسمي سُمي لاحقًا بـ”صفقة الشرع ماك ديل”.
وتقول مصادر داخل الطائرة إن المترجم قد يكون هو ذاته من ترجم سابقًا خطاب رئيس منغوليا على أنه مبادرة للسلام العالمي في حفل توزيع جوائز الغولدن غلوب.
اتفاق مقابل ماكدونالدز
في سياق الصفقة، عرض ترامب إنشاء أول فرع لماكدونالدز في السويداء، ومنح الشرع قسيمة خصم مدى الحياة، وحق استخدام اسم “ترامب مول – الشام” على أي مركز تجاري يتم ترميمه وسط الحرب. بالمقابل، وافق الشرع على “نية التطبيع” بشرط ألا يتضمن الاتفاق استخدام تطبيق “واتساب الذهبي”، أو حضور مؤتمرات في حرّ الصيف.
ترامب، الذي كان يتحدث بحماسة شديدة وكأن الاتفاق قد وُقع في الأمم المتحدة، ختم تصريحه قائلاً: “أنا لا أحتاج لمستندات، الابتسامة تكفي… وهو ابتسم!”
الصحفيون مذهولون… والبيت الأبيض صامت
حين سُئل ترامب عن هوية الشرع الحقيقية، وما إذا كان هذا الرئيس موجودًا بالفعل، ردّ وهو يلوّح بكيس بطاطا مقلية: “لم أسأل عن بطاقة هويته، الرجل كان رسميًا، وطلب شاي، وهذه إشارة دبلوماسية راقية جدًا”.
البيت الأبيض من جهته التزم الصمت، في حين غرد مستشار سابق بأن “ترامب يعيش في موسمه السياسي الخامس: الواقع المتخيَّل”.
عندما يصبح الجيوسياسي مسرحًا للوجبات السريعة
المحللون السياسيون انقسموا حول الحدث. البعض اعتبره “عرضًا مسرحيًا رائعًا على ارتفاع 30 ألف قدم”، فيما رأى آخرون أنه بداية مرحلة جديدة من الدبلوماسية… دبلوماسية الوجبة السريعة. فلا حاجة لبروتوكول أو مؤتمرات مملة، ما دامت الأمور تُحل بين بيغ ماك وكولا.
وبين “الشرع” الذي لا يعرفه أحد، وترامب الذي يعرف الجميع أنه لا يهتم بمعرفة أحد، يصبح المشهد أقرب إلى حلقة خيالية من مسلسل سياسي ساخر عنوانه: “التطبيع في الأجواء، والحقيقة تحت الطاولة.”
الزئبق الأحمر
مقال يستخدم فيه الكاتب ( الكوميديا السياسية السوداء ) بغية نقد الانحدار في مستوى الخطاب السياسي والدبلوماسي في قضايا مصيرية كالتطبيع، مما يعكس فقدان الجدية والشرعية في كثير من التحركات السياسية الحديثة.
تحياتي ✍️