دوليا

الإمارات تُطلق سمومها الإعلامية…

Spread the love

الإمارات تُطلق سمومها الإعلامية…
والجزائر تُعلن: كفى عبثاً!

بقلم أنيسة براهنة

حين تتحول المنابر الإعلامية إلى أدوات لضرب الدول، ويتماهى الخطاب الإخباري مع أجندات استخباراتية مموّلة، يصبح الصمت خيانة، ويغدو الردّ ضرورة سيادية. ما حدث مؤخرًا بين الجزائر و”سكاي نيوز عربية” ليس مجرد خلاف عابر في التناول الإعلامي، بل هو مؤشر صارخ على انزلاق خطير في سلوك دولة لم تُخفِ يومًا رغبتها في إعادة صياغة خارطة النفوذ العربي، ولو على أنقاض الحقيقة ووحدة الشعوب.

الجزائر، التي واجهت الاستعمار وكشفت زيف المطبعين، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍّ جديد: مواجهة “حرب ناعمة” تتقن فن الغدر خلف الستار. لكنها، كما عهدناها، لا تهاب الضجيج، ولا تُرهبها الدسائس. لأن من صاغ تاريخه بالدم، لا تلوثه أبواق الفتنة.

في تطور خطير يُنذر بتحول استراتيجي في العلاقات الجزائرية-الإماراتية، انفجر الإعلام الرسمي الجزائري بردٍّ حاد وصفه مراقبون بـ”غير المسبوق”، بعد تصريحات أدلى بها الدكتور لمين بلغيث على قناة “سكاي نيوز عربية” الممولة من أبوظبي، والتي فتحت من جديد ملف الحرب الإعلامية ضد الجزائر.

التلفزيون العمومي الجزائري لم يُجامل، ولم يُوارب. بل خرج بعبارات مباشرة، وصف فيها الإمارات بـ”الدويلة المصطنعة”، واتهمها باستغلال “تاجر أيديولوجيا في سوق التاريخ”، في إشارة إلى تورطها في حملات دعائية تستهدف الجزائر دولةً وشعبًا وهوية. كلمات تعكس عمق الغضب الجزائري وبلوغ التصعيد الإعلامي ذروته.

ولكن، هل هذه مجرد زوبعة إعلامية؟ الإجابة بكل وضوح: لا.

فالقضية ليست في طبيعة التصريحات بقدر ما هي في المشروع الإماراتي المتكامل، الذي ترى فيه الجزائر اليوم تهديدًا حقيقيًا لكيانها، وامتدادًا لمخطط ثلاثي (إماراتي – مغربي – صهيوني) يستهدف إعادة تشكيل خارطة النفوذ الإقليمي على حساب استقرار الجزائر وسيادتها التاريخية.

في ديسمبر 2023، فجّرت الإذاعة الجزائرية قنبلة من العيار الثقيل بكشفها عن تمويل إماراتي قُدر بـ15 مليون يورو لصالح المغرب، مخصص لحملات إعلامية تخريبية موجهة ضد دول الساحل، وعلى رأسها الجزائر. والهدف؟ تقويض دور الجزائر الطبيعي في إفريقيا، وتقديم المغرب كشرطي المنطقة الجديد، بدعم إسرائيلي مكشوف.

أما قناة “سكاي نيوز”، فقد تحوّلت في خطابها – بحسب خبراء إعلام جزائريين – من منبر إخباري إلى منصة تحريضية، تتبنّى السردية المغربية بشأن الصحراء الغربية، وتدس السمّ في العسل عبر تقارير موجهة، تُشوه مواقف الجزائر السيادية وتُحرض عليها دوليًا.

والأخطر من ذلك، أن هذه التحركات لم تعد تقتصر على الإعلام، بل تتسرب إلى الدبلوماسية الموازية، حيث تعمل الإمارات على خلق محاور نفوذ داخل إفريقيا والساحل، بإيعاز من لوبيات متقاطعة المصالح، ترى في الجزائر حجر عثرة أمام مشاريعها التوسعية.

إن ما حدث لم يكن مجرد هفوة إعلامية، بل كان بمثابة إعلان صريح عن مرحلة جديدة من الاستهداف. والجزائر، التي التزمت طويلاً بضبط النفس، يبدو أنها قررت كسر الصمت، ومواجهة الطعنة من الظهر بوجه مكشوف.

الجزائر تُدرك تمامًا أن التهديد لم يعد على حدودها، بل بات على شاشات العالم، مغلفًا بأموال النفط و”ابتسامات الخيانة”. والرد لن يكون فقط بالكلام، بل بإعادة ترتيب الأوراق الدبلوماسية، وكشف الأقنعة، والاصطفاف من جديد في معركة عنوانها:
“الكرامة لا تُشترى… والسيادة ليست موضوعًا للمساومة.” من الاخر انتهى…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى