الرئيسيةيحدث اليوم
أخر الأخبار

سجن صيدنايا

بين الحقائق والروايات

Spread the love

سجن صيدنايا
بين الحقائق والروايات

سجن صيدنايا، الذي يقع في بلدة صيدنايا شمال دمشق، يُعتبر أحد أكثر السجون إثارة للجدل في سوريا والشرق الأوسط. منذ تأسيسه في الثمانينيات من القرن الماضي، ارتبط اسمه بمزاعم الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. أثيرت حوله العديد من التساؤلات حول مصير آلاف المعتقلين الذين اختفوا قسريًا، مما جعله رمزًا للغموض والجدل في السياق السوري. هذا المقال يحاول استكشاف كل زوايا الموضوع من التاريخ، والهيكلية، والشهادات، إلى مصير المساجين الذين لم يظهروا مجددًا.

تاريخ السجن وهيكليته
افتُتح سجن صيدنايا عام 1987 بهدف احتجاز المجرمين العسكريين في البداية. شُيّد على هيئة قلعة حصينة فوق تلة، ليكون بعيدًا عن الأنظار ويصعب الهروب منه. يتكون السجن من مبنيين رئيسيين:

1. المبنى الأحمر: المخصص للسجناء السياسيين.

2. المبنى الأبيض: للمجرمين العسكريين والمدنيين.

على مر السنين، أصبح السجن مركزًا للاعتقال السياسي، حيث يتم احتجاز النشطاء، والصحفيين، وأفراد المعارضة، والمتهمين بالإرهاب. تشير التقارير إلى أن السجن صُمم لاستيعاب 5,000 نزيل، لكن أعداد المحتجزين تجاوزت هذا الرقم بكثير.

الروايات عن الانتهاكات
تعتبر الروايات حول ما يحدث داخل سجن صيدنايا مروّعة. وفقًا لتقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، فإن الانتهاكات تشمل:

التعذيب الممنهج: يُستخدم التعذيب النفسي والجسدي كوسيلة للإخضاع، حيث تتنوع الأساليب من الضرب والصدمات الكهربائية إلى الحرمان من النوم.

الإعدامات السرية: يُعتقد أن الآلاف تم إعدامهم شنقًا في محاكمات صورية داخل السجن.

الحرمان من الرعاية الطبية: يعاني المعتقلون من غياب الرعاية الصحية، مما يؤدي إلى وفاة الكثيرين بسبب الأمراض.

التجويع والعزل: تُستخدم أساليب التجويع والإذلال الجماعي لتحطيم إرادة السجناء.

مصير المساجين الذين لم يظهروا
منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تم الإبلاغ عن اختفاء عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام، وسجن صيدنايا هو أبرزها. تتعدد الروايات حول مصير هؤلاء الأشخاص:

1. الإعدامات الجماعية: وفقًا لتقرير منظمة العفو الدولية بعنوان “مسلخ بشري”، قُتل حوالي 13,000 معتقل في صيدنايا بين 2011 و2015. تُجرى الإعدامات ليلاً وبسرية تامة.

2. المقابر الجماعية: تشير تقارير وشهادات إلى أن جثث السجناء تُنقل إلى مقابر جماعية في مناطق نائية مثل نجها والقطيفة.

3. الاختفاء القسري: لا يزال آلاف الأشخاص في عداد المفقودين، دون أي معلومات عن أماكن وجودهم أو مصيرهم.

4. الاستخدام كورقة ضغط: تم استخدام بعض المعتقلين كورقة مساومة في المفاوضات السياسية أو لإجبار عائلاتهم على دفع فدى مالية.

الشهادات الشخصية
الشهادات التي قدمها الناجون من صيدنايا تلقي الضوء على بعض من أفظع الانتهاكات:

قال أحد الناجين: “داخل السجن، كنا نسمع صرخات لا تنتهي. كان الطعام لا يكفي لإبقاء الشخص حيًا، وكان التعذيب جزءًا يوميًا من الحياة.”

شهادة أخرى أشارت إلى أن الحراس كانوا يتعمدون إذلال المعتقلين، حيث يجبرونهم على ضرب بعضهم البعض أو التعري أمام زملائهم.

ردود الفعل الدولية
أثار سجن صيدنايا انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية، لكن النظام السوري دافع عن سياساته بحجة محاربة الإرهاب. على الرغم من الضغوط الدولية، لم تحدث أي تحقيقات دولية مستقلة داخل السجن.

محاولات توثيق الجرائم
تمكّنت بعض المنظمات مثل “رابطة المعتقلين والمفقودين” من جمع شهادات وأدلة تُوثق الانتهاكات، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية التي أظهرت توسع المقابر الجماعية بالقرب من السجن.

يُعتبر سجن صيدنايا رمزًا للمعاناة الإنسانية في سوريا، وتجسيدًا لمدى الانتهاكات التي قد تحدث في غياب الرقابة والمساءلة. لا تزال الأسئلة حول مصير المختفين قسريًا مفتوحة، مما يجعل من الضروري تكثيف الجهود الدولية لتوثيق الحقائق وتحقيق العدالة للضحايا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى