يشهد السودان تصاعدًا مقلقًا في وتيرة تفشي وباء الكوليرا، ما ينذر بكارثة صحية تهدد حياة أكثر من 33 مليون شخص، وفق تحذيرات أطلقتها وكالات الأمم المتحدة، في ظل استمرار النزاع المسلح الذي يعصف بالبلاد منذ أبريل 2023.
ووفقًا لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن ما يقارب ستة ملايين طفل دون سن الخامسة هم ضمن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بهذا الوباء المتفشي في بلد تمزقه الحرب. وقد تجاوز انتشار الكوليرا حدود السودان، حيث تم تسجيل إصابات في كل من تشاد وجنوب السودان.
وقد أطلقت الوكالتان الأمميتان تحذيرًا شديد اللهجة جاء فيه: “في غياب الدعم الإضافي، فإن أعداد الإصابات والوفيات مرشحة للارتفاع، كما أن المخزونات ستنفد، ما سيؤدي إلى تفاقم كارثة إنسانية قائمة أصلًا”.
ومنذ مطلع يناير 2025، تم تسجيل أكثر من 32 ألف حالة مشتبه فيها، من بينها 742 حالة وفاة. أما إذا تم احتساب الأرقام بين يوليو 2024 ويونيو 2025، فإن الحصيلة ترتفع إلى أكثر من 83 ألف إصابة و2121 وفاة، مع انتشار شبه شامل للوباء في مختلف ولايات السودان، باستثناء إقليم دارفور الأوسط، الذي لا يزال حتى الآن بمنأى عن التفشي.
وفي مخيمات النازحين داخليًا، أدت الظروف الصحية المتدهورة إلى تسارع انتشار المرض، حيث تم تسجيل 11,500 حالة و165 وفاة. ولم تسلم مواقع اللاجئين السودانيين في الدول المجاورة من الخطر، إذ أُحصيت 278 إصابة و15 حالة وفاة حتى الآن.
من جهته، حذر مكتب الشؤون الإنسانية من خطر إضافي محدق، يتمثل في اقتراب موسم الأمطار، والذي قد يؤدي إلى تلوث إضافي لمصادر المياه، ما من شأنه أن يضاعف من انتشار الكوليرا بشكل خطير.
وتزداد خطورة الوضع مع الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية في السودان بعد أكثر من عام ونصف من الحرب الطاحنة. فقد دُمرت البنى التحتية، وتوقفت الخدمات الصحية، وتعثرت حملات التلقيح والوقاية إلى حد كبير.
وللحد من هذا الانفجار الوبائي، تطالب الوكالات الإنسانية بتوفير تمويل عاجل بقيمة 50 مليون دولار، لضمان استمرار وتوسيع الاستجابة الصحية لمكافحة الكوليرا حتى نهاية عام 2025. وقد أُطلق نداء مفتوح إلى المجتمع الدولي للتضامن، في وقت يهدد فيه الوباء حياة ملايين المدنيين في السودان ومحيطه.
