
كنوز منقذة من غزة: رحلة عبر 5 آلاف عام من الجمال المقاوم
في مزيج آسر من الفن والتاريخ والصلابة الثقافية، يصطحبنا معرض “كنوز منقذة من غزة: 5 آلاف عام من التاريخ”، الذي يحتضنه معهد العالم العربي في باريس، في رحلة عميقة إلى قلب أرض تأبى النسيان.
إنه أكثر من مجرد معرض، بل هو فعل مقاومة ثقافية قوي، وشهادة فنية على هوية غزة الراسخة في وجه محاولات الطمس المستمرة. يضم المعرض 130 قطعة أثرية نادرة، تهمس كل منها بحكاية من حضارات ازدهرت يوماً على ضفاف غزة.
من حجارة منحوتة بدقة وفسيفساء مزخرفة بعناية، إلى جرار طينية عتيقة كانت تُستخدم لنقل الزيت والنبيذ، يشكل هذا المعرض احتفالاً بتراث غني ومتعدد الطبقات. من أبرز المعروضات تمثال رخامي لآلهة الحب اليونانية أفروديت، ومصابيح زيت رومانية مزخرفة بنقوش دقيقة.
لكن الأكثر إثارة للدهشة، ربما، هو فسيفساء ضخمة أحادية اللون اكتشفها مزارع فلسطيني بسيط في بيت لاهيا. تبلغ أبعادها ستة أمتار طولاً وثلاثة عرضاً، وتعود إلى عام 179 ميلادي في العصر البيزنطي، لتحتل نصف القاعة الأولى وتقدم لمحة حية عن ثراء غزة التاريخي وصلتها العميقة بسردية الشرق الكبرى.
هذا المعرض الاستثنائي ليس مجرد عرض للآثار، بل هو تحية لوطن يحافظ على ذاكرته عبر الفن، ويجسد روح شعب لا تنكسر.