
قانون المالية والإعفاء الضريبي
في إطار مناقشة قانون المالية لعام 2024، عقد وزير المالية الجزائري، لعزيز فايد، جلسة موسعة مع نواب البرلمان الجزائري للإجابة على أسئلتهم المتعلقة بجوانب القانون، وآليات تحفيز الاقتصاد، والسياسات الضريبية المعتمدة. وقد تطرق الوزير في إجاباته إلى العديد من القضايا التي تشغل الرأي العام، على رأسها الإعفاءات الضريبية، والتي أصبحت موضوعًا ذا أهمية كبيرة خاصة في ضوء الدعوات التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتوسيع نطاق هذه الإعفاءات لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
مضمون إجابة وزير المالية حول قانون المالية 2024
التمويل وتحقيق التوازن المالي تحدث الوزير عن التوجهات الرئيسية لقانون المالية لعام 2024.. مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو الحفاظ على استقرار المالية العمومية. والتقليل من عجز الميزانية الذي لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا رغم تحسن أسعار النفط في الأسواق العالمية. وأكد أن الحكومة ستركز على زيادة الإيرادات غير النفطية…من خلال تحسين التحصيل الضريبي، وتشجيع النشاطات الاقتصادية التي تُسهم في خلق فرص عمل وتنمية الاقتصاد المحلي.
الإعفاءات الضريبية في رده على تساؤلات النواب حول الإعفاءات الضريبية.. أوضح لعزيز فايد أن الحكومة بصدد تنفيذ سياسة ضريبية مرنة تستهدف جذب الاستثمارات وتوسيع القاعدة الضريبية. كما أشار إلى أن الإعفاءات ستشمل قطاعات محددة مثل الصناعة، التكنولوجيا، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بهدف تحفيز الإنتاج المحلي وتقليل التبعية للنفط. وأكد أن هذه الإعفاءات ستكون لفترات محدودة ومدروسة، كما سيتم تحديدها بناءً على معايير واضحة تتماشى مع استراتيجية الحكومة في خلق بيئة استثمارية مواتية.
العدالة الضريبية ناقش الوزير أيضًا مسألة العدالة الضريبية… التي تعد من أبرز التحديات في الجزائر. وأكد أن الدولة ستعمل على تطوير الأنظمة الضريبية لتحسين الكفاءة وتحقيق العدالة بين المواطنين. كما أشار إلى أنه سيتم استخدام التقنيات الحديثة في تحصيل الضرائب لمكافحة التهرب الضريبي الذي يؤثر على قدرة الدولة في تمويل المشاريع التنموية.
حوافز الاستثمار في المناطق الداخلية كان من بين النقاط الهامة التي تطرق إليها الوزير هو تحفيز الاستثمارات في المناطق الداخلية من البلاد. بما في ذلك المشاريع التي تستهدف البنية التحتية.. والصناعات التحويلية.. والزراعة. وذلك من خلال تقديم إعفاءات ضريبية خاصة ودعماً مباشراً للمستثمرين. الهدف من ذلك هو تقليص الفجوة الاقتصادية بين المناطق الساحلية والمناطق الداخلية، وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
إعفاءات ضريبية: الهدف والتحديات
الإعفاءات الضريبية تشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الحكومة الجزائرية لتحفيز الاقتصاد الوطني. ومع ذلك يطرح هذا الموضوع العديد من التساؤلات حول فعالية هذه الإعفاءات ومدى تأثيرها في تعزيز النمو الاقتصادي على المدى البعيد. ويعتبر الإعفاء الضريبي أداة هامة لتحفيز القطاع الخاص، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر نتيجة لتقلبات أسعار النفط وتحديات الاقتصاد الكلي. لكن تطبيق هذه السياسات يواجه عدة تحديات:
التوازن بين التحفيز والعدالة الضريبية التحدي الأول يكمن في تحقيق التوازن بين تحفيز الاستثمار وتعزيز العدالة الضريبية. فإعفاءات ضريبية واسعة قد تؤدي إلى تقليص الإيرادات العامة، مما يؤثر على قدرة الدولة في تمويل مشاريعها التنموية. من جهة أخرى، التوسع في فرض الضرائب قد يثقل كاهل القطاع الخاص ويحد من حوافز الاستثمار.
قانون المالية والإعفاء الضريبي
مكافحة التهرب الضريبي من الضروري أن تكون هناك إجراءات صارمة لمكافحة التهرب الضريبي، إذ أن توسيع الإعفاءات دون تحسين آليات التحصيل قد يؤدي إلى تفشي هذه الظاهرة، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني. وتعمل الحكومة على تعزيز الرقابة الضريبية وتحسين كفاءة المؤسسات المسؤولة عن التحصيل.
توجيه الإعفاءات بشكل استراتيجي من المهم أن تكون الإعفاءات الضريبية موجهة إلى القطاعات الاستراتيجية التي تساهم في تنويع الاقتصاد الوطني، مثل قطاع الصناعة. وتكنولوجيا المعلومات. والطاقة المتجددة، بدلاً من أن تكون شاملة لجميع القطاعات. هذه الاستراتيجية تستهدف تحقيق تأثير طويل الأمد على الاقتصاد، وتجنب آثارها السلبية على المالية العامة.
الشفافية والمحاسبة لضمان فعالية الإعفاءات الضريبية.. يجب أن تكون هناك شفافية في كيفية تطبيق هذه الإعفاءات ومراقبة نتائجها بشكل دوري. وهو ما يجب أن تعمل عليه الحكومة عبر تقارير دورية وأدوات تقييم واضحة. كذلك، يتطلب الأمر تفعيل المساءلة فيما يتعلق بكيفية استفادة الفئات المستهدفة من هذه الإعفاءات.
تحليل شامل:
التوجهات المستقبلية وأثرها على الاقتصاد الوطني
من خلال استعراض إجابات وزير المالية لعزيز فايد، نلاحظ أن الجزائر تتبع استراتيجية واضحة لتحفيز الاقتصاد الوطني عن طريق تحسين البيئة الاستثمارية. ومع ذلك، فإن نجاح هذه السياسات يعتمد بشكل كبير على تنفيذها الفعلي، خاصة في مجال تحسين تحصيل الضرائب، ومكافحة التهرب الضريبي. الإعفاءات الضريبية قد تكون أداة فعالة في تشجيع الاستثمارات، لكن نجاحها يتوقف على كيفية استهدافها للقطاعات الإنتاجية الاستراتيجية.
إذا تم توجيه هذه الإعفاءات بشكل مدروس .. فإنها ستساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.. خاصة في المناطق الداخلية التي تفتقر إلى البنية التحتية الكافية. كما أن التركيز على الصناعات المحلية. وتطوير القطاعات غير النفطية. سيقلل من التبعية للموارد الطبيعية، ويزيد من قدرة الجزائر على مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية.
إن سياسة الإعفاءات الضريبية تحتاج إلى موازنة دقيقة بين تحفيز الاقتصاد وتحقيق العدالة الضريبية.. مع ضرورة ضمان الشفافية والمراقبة المستمرة لنتائج هذه السياسات. وكل ذلك يتطلب تنسيقاً محكماً بين مختلف المؤسسات الحكومية والمستثمرين المحليين والدوليين لتحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة.
سياسات الإعفاءات الضريبية التي تطرق إليها وزير المالية لعزيز فايد تندرج ضمن التوجهات الأوسع لدعم الاقتصاد الوطني.. وتأتي في وقت يتطلب فيه الاقتصاد الجزائري التنويع بعيدًا عن النفط. بينما يبدو أن هذه السياسات يمكن أن تكون محفزًا قويًا للاستثمار والنمو الاقتصادي، فإن التحديات المرتبطة بالعدالة الضريبية وفعالية التحصيل تبقى مسألة حاسمة لضمان نجاح هذه السياسات على المدى الطويل.
أنيسة براهنة