في ظل التراجع المستمر لإنتاج الكاكاو، كشفت غانا عن استراتيجية طموحة لإنعاش هذا القطاع الحيوي، ترتكز على إنشاء مزارع صناعية واسعة النطاق. المبادرة، التي أعلنها وزير المالية كاسيل آتو فورسن، تتضمن تخصيص 200 ألف هكتار من الأراضي الزراعية لفائدة مجلس الكاكاو الغاني (Cocobod)، الهيئة المنظمة للقطاع.
وقال الوزير خلال تنصيب مجلس إدارة جديد للـCocobod: “تهدف هذه المبادرة إلى دعم أنشطة صغار المزارعين الحاليين وضمان نمو مستدام للقطاع”، في مسعى لعكس الاتجاه التنازلي للإنتاج الوطني المستمر منذ سنوات.
قطاع يعاني من تحديات هيكلية عميقة
لطالما شكّل الكاكاو حجر الأساس في الاقتصاد الغاني، لكنه يواجه اليوم جملة من العراقيل الهيكلية. وتشير السلطات إلى أن نحو 500 ألف هكتار من مزارع الكاكاو لم تعد منتجة، بسبب عوامل متعددة تشمل انتشار التعدين العشوائي المعروف محليًا باسم “غلامسي”، وشيخوخة الأشجار التي تجاوزت عمرها الإنتاجي الأمثل، إلى جانب تفشي فيروس “تورم البراعم” الذي أتى على مساحات شاسعة من الحقول.
وفي هذا السياق، يُتوقع أن تساهم المزارع الجديدة في تعويض الخسائر في الإنتاج، وتثبيت رقعة المساحات الصالحة للاستغلال الزراعي.
تراجع بنسبة 31% في غضون أربع سنوات
وتظهر البيانات الرسمية حجم الأزمة بوضوح. فبحسب منظمة الكاكاو الدولية (ICCO)، تراجع إنتاج غانا من 771 ألف طن في موسم 2019/2020 إلى 530 ألف طن فقط في 2023/2024، أي بانخفاض قدره 31%. وهو تراجع أثّر على موقع غانا العالمي، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد كوت ديفوار.
وتُعدّ المزارع الصناعية رافعة استراتيجية لإعادة الاعتبار للقطاع، غير أن ثمارها لن تُجنى فورًا، إذ تحتاج شجرة الكاكاو بين ثلاث إلى خمس سنوات لتعطي أولى ثمارها، بينما لا تبلغ طاقتها الإنتاجية القصوى إلا بعد السنة السادسة.
طموح العودة إلى سقف المليون طن
رغم التحديات، فإن طموح الحكومة واضح: بلوغ سقف إنتاج سنوي يبلغ مليون طن، وهو هدف لم يتحقق سوى مرتين خلال الخمسة عشر عامًا الأخيرة، في موسمي 2010/2011 و2020/2021، بحسب وزارة الزراعة الأمريكية (USDA).
رهان استراتيجي على السيادة الاقتصادية
ولا تقف رهانات غانا عند حدود التعافي الزراعي، بل تمتد لتشمل تعزيز السيادة الاقتصادية في قطاع عالمي تهيمن عليه كبرى الشركات متعددة الجنسيات. فمن خلال رفع طاقتها الإنتاجية، تسعى غانا أيضًا إلى تقليص الفجوة بينها وبين كوت ديفوار، وتعزيز مكانتها التفاوضية في تحديد أسعار الكاكاو عالميًا.
ومع بلوغ أسعار الكاكاو مستويات قياسية في عام 2024، تبدو الحاجة إلى إنعاش القطاع أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
ف. بن طيب
ترجمة أ
