
عبد المجيد تبون مهندس النهضة الإفريقية وصوت القارة في العالم
تبون يصنع مستقبلا إفريقيا
في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها القارة الإفريقية، تبرز الجزائر بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون كفاعل محوري في إعادة صياغة كل المشاهد السياسية والاقتصادية والامنية للمنطقة. فمنذ توليه الرئاسة، تبنّى تبون رؤية متكاملة تهدف إلى تعزيز الوحدة الإفريقية، والحد من التدخلات الخارجية، ودفع عجلة التنمية المستدامة. ونتيجة لهذه الاستراتيجية، أصبحت الجزائر اليوم حجر الزاوية في العديد من المبادرات الإفريقية التي تسعى إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والسياسية والأمنية للقارة.
الجزائر على رأس الاتحاد الإفريقي.. الدبلوماسية تفرض نفسها
لم يكن فوز الجزائر بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي مجرد انتصار دبلوماسي عابر، بل كان انعكاسًا لمكانتها المتنامية كقوة إقليمية ذات تأثير واضح في السياسات القارية. ففي فبقري الجاري، وخلال القمة العادية الـ38 للاتحاد الإفريقي، حصدت الجزائر انتصارًا مهمًا بعد انتخاب سفيرتها لدى إثيوبيا وممثلتها الدائمة في الاتحاد الإفريقي، السيدة سلمى مليكة حدادي، لهذا المنصب الرفيع، بعد حصولها على 33 صوتًا، متجاوزة المرشحة المخزنية.
يُعتبر هذا الإنجاز مؤشرًا على ثقة الدول الإفريقية في الجزائر ودورها المتوازن في حل النزاعات وتعزيز التكامل القاري. كما يمنحها فرصة أكبر للمساهمة في صنع القرار الإفريقي، خصوصًا في مجالات الحوكمة، الإصلاحات المالية، والإدارة العامة داخل الاتحاد. ولا شك أن هذا التقدم يأتي نتيجة سياسة جزائرية طويلة الأمد، تسعى إلى تحقيق استقلالية القرار الإفريقي بعيدًا عن التبعية للقوى الكبرى.
شراكات استراتيجية تعيد تشكيل العلاقات الإفريقية
إدراكًا لأهمية التحالفات الاستراتيجية في مواجهة التحديات المشتركة، عزز الرئيس تبون علاقات الجزائر مع القوى الإقليمية الإفريقية، وعلى رأسها جنوب إفريقيا. ففي ديسمبر 2024، استقبل تبون نظيره الجنوب إفريقي، سيريل رامافوزا، في الجزائر، حيث أجرى الجانبان مباحثات معمقة حول أبرز القضايا الإفريقية والدولية.
شكلت هذه الزيارة نقطة تحول مهمة في العلاقات بين البلدين، حيث تم الإعلان عن توقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية، بالإضافة إلى خمس اتفاقيات تعاون شملت مجالات الطاقة، الصناعة، التعليم العالي، والأمن. كما أكدت الجزائر وجنوب إفريقيا موقفهما الثابت في الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقًا للشرعية الدولية، إضافة إلى التأكيد على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.
الاستثمار في مستقبل إفريقيا.. الجزائر تبني وتُمكِّن
أدركت الجزائر مبكرًا أن تحقيق الاستقلال السياسي لإفريقيا لا يمكن أن يتم دون بناء اقتصاد قوي يعتمد على مقدرات القارة نفسها. ومن هذا المنطلق، أطلقت الجزائر مبادرة التنمية الإفريقية، التي خصصت لها مليار دولار أمريكي عبر الوكالة الوطنية للتعاون الدولي.
تستهدف هذه المبادرة تمويل مشاريع تنموية ضخمة في القارة، من أبرزها:
مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء: الذي يربط نيجيريا بأوروبا مرورًا بالجزائر والنيجر، وهو مشروع استراتيجي يعزز الأمن الطاقوي الإفريقي، ويوفر للدول الإفريقية مصدرًا اقتصاديًا مستدامًا بعيدًا عن الضغوط الدولية.
مشاريع البنية التحتية تشمل بناء طرق وسكك حديدية لربط العواصم الإفريقية، ما يسهل التبادل التجاري بين دول القارة.
برامج تطوير الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتشجيع الاستثمار في الطاقات البديلة.
هذه المشاريع لا تعكس فقط التزام الجزائر بتنمية القارة، بل تؤكد رغبتها في وضع إفريقيا على خريطة الاقتصاد العالمي كفاعل مستقل وليس مجرد سوق استهلاكية.
الجزائر.. قاطرة إفريقيا نحو نظام عالمي جديد
إلى جانب جهودها التنموية، تسعى الجزائر أيضًا إلى تعزيز حضور القارة الإفريقية في النظام العالمي الجديد. فقد شارك الرئيس تبون في قمة روسيا-إفريقيا 2024، حيث شدد على أهمية بناء تحالفات إستراتيجية مع القوى الصاعدة، مثل روسيا والصين، للحد من الهيمنة الغربية على مقدرات القارة.
كما دعت الجزائر إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي، معتبرة أن استبعاد إفريقيا من دائرة صناعة القرار العالمي هو ظلم تاريخي يجب تصحيحه. هذا الموقف يعكس توجهًا إفريقيًا متناميًا لإعادة النظر في المنظومة الدولية التي لطالما همشت القارة رغم ثرواتها الهائلة.
هل نحن أمام قائد إفريقيا الجديد؟
إن فوز الجزائر بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إلى جانب المبادرات الدبلوماسية والاقتصادية بقيادة الرئيس تبون، ليس مجرد نجاحات منفصلة، بل هو جزء من رؤية متكاملة تسعى إلى إعادة تشكيل إفريقيا وفق مبادئ السيادة والاستقلالية. فمن خلال دعم التنمية، وتعزيز التكامل الإفريقي، والدفاع عن القضايا العادلة، تواصل الجزائر فرض نفسها كقوة رائدة في القارة.
اليوم، أصبح عبد المجيد تبون أكثر من مجرد رئيس دولة، بل بات يُنظر إليه كزعيم إفريقي يملك رؤية واضحة لمستقبل القارة، ويضع الجزائر في قلب المعادلة الدولية كقوة لا يمكن تجاهلها. فهل نحن أمام قائد إفريقيا الجديد؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة، لكن المؤشرات تقول: نعم، وبقوة.
كانت ولا زالت الجزاىر تسير وفق سياسة مدروسة،ساعية في القيادة والريادةوالتوجه قدما نحو مستقبل وطني وإفريقي واعد.
بالتوفيق والسداد إن شاء الله.