
رحيل لخضر حمينة: الجزائر تودّع عملاق السينما الملتزمة
فقدت إفريقيا ومعها عالم السينما أحد أبرز روّادها الكبار، برحيل المخرج الجزائري محمد لخضر حمينة عن عمر ناهز 95 عامًا، مخلفًا وراءه إرثًا سينمائيًا خالدًا، وبصمة لا تُمحى في تاريخ الفن السابع الإفريقي.
وُلد لخضر حمينة سنة 1930 بمدينة المسيلة الجزائرية، وارتقى سريعًا ليصبح أحد أعمدة “سينما التحرر”، حيث سخّر عدسته لخدمة القضايا العادلة، والدفاع عن ذاكرة الشعوب المقهورة. وبلغ ذروة مجده سنة 1975 بفيلمه الأسطوري وقائع سنين الجمر، الذي وثّق البدايات المشتعلة للثورة الجزائرية، ونال به السعفة الذهبية بمهرجان كان، كأول مخرج عربي وإفريقي يُتوّج بهذه الجائزة الرفيعة، في إنجاز لا يزال فريدًا في تاريخ القارة.
كان حمينة من أشد المدافعين عن سيادة السرد الثقافي، مؤمنًا بسينما صادقة تنبثق من الأرض، وتتجاوز النظرة الاستشراقية والتشويه الكولونيالي. وعلى امتداد مسيرته، ظل صوته حاضرًا في ميادين الفن والموقف، مكرّسًا أفلامه لمقاومة الظلم، وفضح الحروب، واستنهاض الوعي الجمعي.
برحيله، تُطوى صفحة من صفحات السينما الإفريقية الملتزمة، تلك التي جمعت بين الفن والنضال، بين الجمالية والتأريخ، بحثًا عن الاعتراف العالمي. غير أن الأثر العميق الذي تركه في أجيال من السينمائيين لن يُمحى؛ فقد شكّل مصدر إلهام لأسماء لامعة كهايلي جريما وعبد الرحمن سيساكو، فضلًا عن الشباب الطامحين إلى إحياء رسالته عبر أشكال جديدة من السرد البصري.
وقد هبّت الأصوات من مختلف ربوع القارة لتأبين هذا الهرم. فقدّم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعازيه لعائلة الفقيد، فيما نعته وزارة الثقافة باعتباره “أحد كبار السينما الوطنية، وصانعًا لذاكرة الشعب”، بينما أعلنت مهرجانات سينمائية من واغادوغو إلى ديربان عن تنظيم تظاهرات تكريمية تحتفي بمسيرته.
برحيل محمد لخضر حمينة، لا تفقد الجزائر مخرجًا فحسب، بل تودّع شاهدًا على عصر، وراويًا للحقائق، وبانيًا للوعي.
مايا ب




