
افتتح صباح اليوم الملتقى الدولي بالاوراسي الموسوم ب “جرائم الاستعمار في التاريخ الانساني” تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية ووزارة المجاهدين وذلك بحضور ثلة من الأساتذة الجامعيين الجزائريين .
الكلمة الافتتاحية للملتقى كانت لوزير المجاهدين العيد ربيقة، وقد جاء فيها ما يلي :
بســــم اللــه الرحمـــن الرحيـــم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
ضيوف الجزائر الأفاضل، نزلتم أهلا وحللتم سهلا بأرض الجزائر، موطن الحرية وموئلُ القيم، لنتقاسم معا هذه الفعاليات العلمية بمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى الثالثة والستين لعيد الاستقلال، والتي أضفى عليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، كريم رعايته السامية.
إنّ هذا الملتقى الدولي الذي بادرت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق من خلاله بجمع نخبةٍ من كبار الأساتذة والأكاديميين والخبراء المتخصصين من أجل فتح نقاشٍ عميق حول جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني، من جراح الذاكرة الجماعية إلى استحقاق العدالة التاريخية، وبلورة عملٍ مشترك يعكس عمق ومجد الروابط التاريخية، ويستجيب لبناء مواقف وجبهات تكون في مستوى التحديات والرهانات العالمية وتداعياتها على مصير شعوبنا في مختلف المجالات.
فهذا الملتقى ليس مجرد وقفة علمية أو قانونية أو تقييمية مع الماضي وفقط، بل هو التزام أخلاقي وواجب تاريخي تجاه الحاضر والمستقبل وهو صرخة وعي ضد النسيان، وجسر نحو عدالة مؤجلة آن أوانها.
إنّ ما تعرّضت له الجزائر وكثير من شعوب المعمورة من جرائم استعمارية بشعة، لا يسقط بالتقادم وفق كل المبادئ والمواثيق الدولية، ولا يمكن طيه بالتناسي، بل تتم معالجته بالاعتراف بهذه الجرائم.. فلا عدالة إنسانية بدون اعتراف، ولا مستقبل كريم بدون إنصاف.
أيّها الجمع الكريم، لقد أيّدت الجزائر ، ولا تزال، كل المساعي النبيلة للمطالبة بالعدالة بخصوص الجرائم الاستعمارية، والدفع بكلّ قوّة من أجل إنهاء سياسة الإنكار والإفلات من العقاب وتحميل الجناة المسؤولية الكاملة عن آثار الاستعمار والاستعباد ونهب الثروات وسلب الخيرات والمساس بالهويات وتشويه الثقافات.
أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الافاضل،
ضيوف الجزائر الكرام،
إنّ بلادنا قطعة أصيلة من نسيج هذا العالم، فهي بقيادتها المتبصرة وشعبها الأبي، وفيةً للأمن والسلام، ومجندة في نصرة قضايا التحرر والانعتاق؛ فبقدر ما مثّلت الثورة الجزائرية مصدر إلهامٍ للشعوب المضطهدة، بقدر ما كان دورها مشرفًا أيضا في دعم ثورتنا، ولم تتوان الجزائر يوماً في وفائها لدعم القضايا العادلة، وتطلعات الشعوب المشروعة على غرار قضيتي الشعبين الصحراوي والفلسطيني الشقيقين، وهنا نستحضر بحزن وأسى كبيرين ما يعانيه بنات وأبناء فلسطين اليوم في غزة المكلومة التي أصبحت مقبرةً للمبادئ القانونية الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي، والتي كان يُفترض أن تظل مرجعاً يحتكم إليه الجميع دون تمييز أو تفضيل أو إقصاء.
أيتها السيدات، أيها السادة الافاضل،
إنّ استعادة الذاكرة التي توليها الجزائر اليوم بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أهمية خاصة باعتبارها منبعًا للقيم والمبادئ ومدخلاً أساسيًا للعدالة.. تعدّ رسالةً للسلام المستند إلى الحقيقة والاعتراف والمسؤولية عن طريق مساءلة الإرادة بشأن مدى التزامها بالمبادئ الأممية المتعلقة بحق الشعوب في الإنصاف وجبر الضرر، انطلاقا من مواثيق الأمم المتحدة، الّتي تنص على مسؤولية الدول عن انتهاكات حقوق الإنسان، وحق الشعوب في عدم طمس ذاكرتها الجماعية.
وفي ظل هذا الوعي المتجدّد، تبرز الصحوة المتصاعدة لشعوب كانت بالأمس ضحية للاستعمار، لتجدّد اليوم مطالبتها بمسار جديد، لا يُنهي الماضي فقط، بل يُعيد كتابته من منظور الضحية، ويؤسس لعدالة تاريخية تنهي الاستعلاء، وتعزّز بناء مستقبل مشترك قائم على الكرامة والاحترام المتبادل.
Algeria will remain, through its history and sacrifices, a voice for all free nations that demand their rightful claim to a just memory, fair development, and peace founded on mutual respect.
في الختام، أيها الحضور الكريم، أجدّد الترحيب بضيوفنا الكرام، وأعلن عن افتتاح هذا الملتقى الدولي الذي أؤكد أنه ليس هو مجرد استذكار لماض انقضى، بل هو مُساءلة للضمير الإنساني، ولتاريخٍ لم يُكتب بعد بإنصاف، متمنياً لفعالياته السداد والنجاح ليَخْرُج بتوصيات من شأنها تعزيز خارطة الطريق المعمول بها في ملفات الذاكرة بأبعادها الوطنية والدولية.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار،
شكراً على كرم الإصغاء .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته




