
تحت قيادة تبون
مستقبل الشباب في الجزائر
تعد قضايا الشباب من أبرز التحديات التي تواجه الحكومات في العالم العربي، وفي الجزائر تحديدًا، حيث يشكل الشباب أكثر من 70% من السكان، وهو ما يضعهم في قلب اهتمامات الدولة. في ظل هذا الوضع، ومع تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر في ديسمبر 2019، تبنت الحكومة الجزائرية العديد من السياسات والمبادرات التي تركز على تمكين الشباب وتحقيق طموحاتهم. لكن، ماذا عن مستقبل الشباب في الجزائر تحت قيادة تبون؟ وهل نجحت الحكومة في استثمار هذه الفئة الهامة؟
الشباب في الجزائر: الواقع والتحديات
قبل الحديث عن مستقبل الشباب في الجزائر، من المهم أن نعرض بعض التحديات التي يواجهها هؤلاء الشباب في الوقت الراهن. على الرغم من ثروات الجزائر الطبيعية وإمكاناتها الاقتصادية، يعاني الشباب من العديد من الصعوبات، أبرزها:
1. البطالة المرتفعة: على الرغم من أن الجزائر تُعد من أكبر اقتصادات شمال أفريقيا، إلا أن البطالة بين الشباب، وخاصة خريجي الجامعات، تظل من أبرز المشكلات. وفقًا للتقارير، تتراوح معدلات البطالة بين الشباب ما بين 25% إلى 30%.
2. الهجرة غير الشرعية: يعاني كثير من الشباب الجزائري من قلة الفرص في سوق العمل، مما يدفعهم للبحث عن فرص أفضل خارج البلاد، وهو ما يعزز من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
3. ضعف الابتكار وريادة الأعمال: يعاني الشباب الجزائري من نقص في الحوافز والإمكانيات لتأسيس مشاريعهم الخاصة، كما أن البيروقراطية وتحديات التمويل تعيق بشكل كبير تطور ريادة الأعمال في الجزائر.
4. التهميش الاجتماعي والثقافي: يعيش العديد من الشباب في مناطق نائية أو مهمشة حيث تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يزيد من شعورهم بالإحباط ويعزز من تهميشهم الاجتماعي.
مبادرات تبون في دعم الشباب: رؤية جديدة لفرص أوسع
منذ توليه الرئاسة، عمل عبد المجيد تبون على مواجهة هذه التحديات عبر عدة مبادرات تهدف إلى تعزيز مكانة الشباب في المجتمع الجزائري، والحد من البطالة، وتوفير فرص أفضل للمشاركة في التنمية الوطنية.
1. إصلاح التعليم والتكوين المهني
من بين أولويات تبون، جاء إصلاح قطاع التعليم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل. فالتعليم الجامعي في الجزائر، على الرغم من تطوره، يعاني من نوع من الفجوة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل. في هذا السياق، أطلق تبون مشاريع لتحديث المناهج الدراسية، خاصة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة، لتلبية الاحتياجات المتزايدة في هذه القطاعات.
بالإضافة إلى ذلك، دعم تبون التكوين المهني، مؤكداً على ضرورة تكوين الشباب في مهارات عملية تمكنهم من دخول سوق العمل بسرعة. تم تخصيص المزيد من الموارد لتطوير مراكز التكوين المهني في مختلف مناطق البلاد، بما يسهم في تقليل الفجوة بين التعليم الجامعي ومتطلبات الوظائف.
2. التشجيع على ريادة الأعمال
تعد ريادة الأعمال من أبرز محاور توجهات تبون لتحفيز الشباب على الانخراط في مشاريعهم الخاصة. تبنت الحكومة الجزائرية عدداً من الإجراءات لتيسير الإجراءات الإدارية، وتوفير التمويل للشركات الناشئة. وتأتي هذه الخطوات في إطار قانون الاستثمار الجديد الذي يهدف إلى تشجيع الشباب على تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة.
كما تم دعم إنشاء صندوق تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يسمح للشباب بالحصول على قروض ميسرة لتمويل أفكارهم الابتكارية. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء منصات لتوجيه الشباب وتحفيزهم على بدء مشاريعهم الخاصة في مجالات مثل التكنولوجيا، الزراعة، والطاقة المتجددة.
3. الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا
على الرغم من التحديات التي يواجهها الشباب في الجزائر، إلا أن تبون يدرك تمامًا أن التكنولوجيا والابتكار هما السبيل لمستقبل واعد. وعليه، حرصت الحكومة الجزائرية على دعم مشاريع الشباب في مجال الابتكار التكنولوجي، لا سيما في ظل الثورة الرقمية التي تشهدها المنطقة.
تم إطلاق العديد من المبادرات لدعم الشباب في مجال الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا الرقمية، والبرمجيات. كما تم تشجيع الشباب على المشاركة في المسابقات العالمية في مجالات البرمجة والابتكار، حيث أصبح هناك اهتمام متزايد بتطوير مراكز البحث العلمي والشركات التكنولوجية الناشئة.
4. تمكين الشباب في الحياة السياسية والاجتماعية
على الرغم من أن الشباب الجزائري كان دائمًا في صلب الحركات الاجتماعية والسياسية، إلا أن تبون قد سعى إلى تعزيز مشاركتهم بشكل رسمي في الحياة السياسية. فمن خلال تعديل بعض القوانين، تم السماح للشباب بالتمثيل بشكل أكبر في المجالس المنتخبة، وتخصيص مقاعد لهم في البرلمان والمجالس المحلية.
هذا التوجه يعكس رغبة الحكومة في منح الشباب دورًا أكبر في اتخاذ القرارات السياسية، وتحفيزهم على المشاركة في العملية السياسية، وهو ما يشير إلى رغبة القيادة الجزائرية في تحفيز الطاقات الشابة للمساهمة في بناء المستقبل.
5. فرص الرياضة والثقافة
بالنسبة لقطاع الرياضة، سعى تبون إلى توسيع فرص الشباب في هذا المجال من خلال دعم الرياضات المختلفة، بما في ذلك دعم البنية التحتية الرياضية، وتنظيم البطولات المحلية والدولية، وتوفير الفرص للشباب في مختلف الأقاليم. كما تم دعم تطوير أكاديميات الرياضة لتشجيع الجيل الشاب على احتراف الرياضة.
أما في مجال الثقافة والفنون، فقد تم تخصيص ميزانيات لتشجيع المواهب الشابة في الفنون المختلفة، من خلال مسابقات فنية، ورش عمل، وتوسيع الدعم للمشاريع الثقافية التي تنظمها الجمعيات الشبابية.
التحديات التي تواجه المبادرات الحكومية
رغم هذه الخطوات الإيجابية، إلا أن تحديات عديدة ما زالت تواجه جهود الحكومة الجزائرية في تمكين الشباب، أبرزها:
1. البيروقراطية والتعقيدات الإدارية: تبقى البيروقراطية أحد العوائق الرئيسة التي تحد من سرعة تنفيذ المبادرات، خاصة في مجال ريادة الأعمال. فالشباب يعانون من تعقيدات إدارية في مراحل التسجيل، والحصول على تمويل، وتنفيذ مشاريعهم.
2. نقص البنية التحتية في بعض المناطق: على الرغم من جهود الحكومة، إلا أن بعض المناطق، خاصة في الأرياف، ما تزال تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لدعم مشاريع الشباب، مما يعوق تنمية هذه الفئة.
3. مواصلة تهميش بعض القطاعات: بالرغم من المشاريع الحكومية، يبقى هناك تهميش في بعض القطاعات التي تهم الشباب، مثل الصناعات الإبداعية والقطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة.
يعد تعزيز دور الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أبرز أولويات الرئيس عبد المجيد تبون، وقد أظهرت حكومته التزامًا حقيقيًا بتنفيذ العديد من المبادرات التي تهدف إلى توفير فرص عمل. وتحفيز الابتكار. وتمكين الشباب في الحياة السياسية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، ويحتاج الأمر إلى المزيد من الإصلاحات والتسهيلات لكي تتمكن الجزائر من استثمار طاقات شبابها بشكل كامل.
إن النجاح في هذا المجال سيضع الجزائر على مسار جديد نحو استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي. وسيمهد الطريق لجيل شاب أكثر وعيًا وطموحًا وقادرًا على مواجهة التحديات المستقبلية.
هذه رؤية شاملة حول دور الرئيس تبون في معالجة قضايا الشباب في الجزائر، ويعرض الخطوات التي اتخذتها الحكومة لدعم هذه الفئة الهامة في المجتمع.