جسّدت الزيارة الرسمية التي أجراها رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزيف عون، إلى الجزائر، محطة مفصلية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث عبّر الجانبان، من خلال تصريحات مشتركة طبعها دفء الأخوة وروح التضامن، عن إرادة سياسية قوية للارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستوى شراكة استراتيجية ومستدامة.
وفي ندوة صحفية عقدت بقصر الرئاسة، وصف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون هذه الزيارة بـ”الخطوة الهامة نحو تعزيز الروابط الأخوية الضاربة في عمق التاريخ بين الشعبين”، مشددًا على ضرورة إرساء ديناميكية تعاون متعددة القطاعات، تقوم على حوار سياسي دائم ومنتظم.
إطار مؤسساتي مرتقب لدفع الشراكة
أسفرت المحادثات بين الرئيسين عن تقييم شامل لحالة التعاون الراهنة، وتحديد آفاق واعدة لتعزيزها، لاسيما من خلال الإعلان عن انعقاد أول دورة للجنة المشتركة الجزائرية – اللبنانية في القريب العاجل، باعتبارها أرضية تأسيسية لشراكة مهيكلة، سيتم تعزيزها بإطلاق مجلس أعمال مشترك يرمي إلى تنشيط المبادلات الاقتصادية.
وأكد الرئيس تبون وجود فرص حقيقية للتعاون في مجالات الاستثمار، الطاقة، الفلاحة، الصحة، التعليم، السياحة والتكنولوجيا، مجددًا دعم الجزائر الثابت لسيادة لبنان واستقراره، لا سيما في ظل التهديدات والانتهاكات الصهيونية جنوب البلاد، كما ذكّر بالتزام الجزائر بدعم تجديد مهمة قوات اليونيفيل في مجلس الأمن الدولي.
بيروت تشيد بدعم الجزائر التاريخي
من جهته، ثمّن الرئيس اللبناني جوزيف عون “العمق التاريخي للعلاقات الجزائرية – اللبنانية”، معربًا عن امتنانه للدور الدبلوماسي الذي اضطلعت به الجزائر على امتداد الأزمات اللبنانية، ولا سيما عبر إعلان الطائف، فضلًا عن مرافقتها الدائمة للبنان داخل المحافل الدولية.
ودعا الرئيس اللبناني إلى دعم جزائري أكبر لإعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة في بلاده، مشيرًا إلى ضرورة تنشيط التعاون الاقتصادي داخل الفضاء العربي، وتشكيل جبهة عربية موحدة قادرة على مجابهة التحديات الجيوسياسية الراهنة.
تطابق في الرؤى الإقليمية
ولم تغب القضايا الإقليمية عن جدول المباحثات، حيث تطرّق الطرفان إلى تطورات القضية الفلسطينية، التي اعتبروها جوهر أي حل عادل في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الأوضاع المتأزمة في سوريا، السودان، ليبيا واليمن.
وجدّد الرئيس تبون الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مندّدًا بسياسة التجويع والتهجير القسري التي تمارسها قوات الاحتلال، ومؤكدًا الموقف المبدئي والثابت للجزائر إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
تشاور سياسي منتظم ومؤطر
واتفق الرئيسان في ختام الزيارة على إرساء آلية منتظمة للتشاور السياسي والتنسيق الاستراتيجي، من أجل توحيد الرؤى والمواقف في مواجهة التحديات المشتركة.
وقال الرئيس تبون: “الجزائر ولبنان يجمعهما تاريخ من النضال والتطلعات السيادية. وسنمضي معًا نحو بناء تعاون نموذجي، متضامن، ومستقبلي”.
