تبون وتحسين الوضع الاجتماعي
التعليم، الصحة، والشباب
منذ توليه رئاسة الجمهورية الجزائرية في ديسمبر 2019، ركز الرئيس عبد المجيد تبون على قضايا اجتماعية حيوية تُعتبر أساسية لتحسين جودة الحياة للمواطنين. في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، كان تبون يدرك أن تعزيز الرخاء الاجتماعي يحتاج إلى إصلاحات عميقة في ثلاثة مجالات رئيسية: التعليم، الصحة، والشباب. هذه المجالات تعتبر ركيزة أساسية لتحقيق التقدم المستدام في الجزائر وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، خاصة في ظل الأزمات التي مرّت بها البلاد.
1. التعليم: إصلاحات لتحسين المنظومة التعليمية
منذ الاستقلال، ظل التعليم في الجزائر يواجه تحديات كبيرة، من بينها الجودة المنخفضة في بعض المدارس، واختلالات في المناهج، ونقص في الكفاءات التعليمية. ولذا، كان تحسين النظام التعليمي من أولويات تبون منذ بداية فترة حكمه. في هذا السياق، أعلن تبون عن عدة إصلاحات تهدف إلى تحسين المنظومة التعليمية وتلبية احتياجات سوق العمل.
أهم الإصلاحات والفرص:
إصلاح المناهج التعليمية: تم التركيز على تطوير المناهج الدراسية لتواكب التطورات الحديثة في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وأُعطي اهتمام خاص لتدريس اللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية، لفتح المجال أمام الطلاب للمشاركة في الاقتصاد العالمي.
الرقمنة في التعليم: في إطار التكيف مع التحديات العالمية والتقدم التكنولوجي، شجع تبون على رقمنة التعليم من خلال توفير المنصات الإلكترونية للطلاب والمعلمين. وقد ساعدت هذه المبادرة، خاصة في فترات جائحة كورونا، على الاستمرار في العملية التعليمية رغم الظروف الصعبة.
الاهتمام بالجامعات والتخصصات التقنية: حرص تبون على تطوير الجامعات الجزائرية وتحفيز الشباب على التوجه نحو التخصصات التقنية والعلمية التي تتماشى مع احتياجات سوق العمل. كما تم تعزيز الشراكات مع المؤسسات الدولية لتبادل الخبرات.
التحديات:
الفجوة بين التعليم العام والتعليم الجامعي: لا تزال هناك فجوة بين المستوى التعليمي في المدارس الثانوية ومستوى التعليم الجامعي. هذا التحدي يتطلب المزيد من التنسيق بين القطاعات التعليمية المختلفة لضمان تكامل العملية التعليمية.
البنية التحتية: رغم الجهود المبذولة، لا تزال بعض المناطق في الجزائر تعاني من نقص في المرافق التعليمية الحديثة، مما يشكل تحديًا في تحسين نوعية التعليم على مستوى جميع الولايات.
2. الصحة: إصلاحات في القطاع الصحي وتعزيز الرعاية الصحية
يشكل القطاع الصحي أحد أبرز التحديات التي تواجه الجزائر، لا سيما في ظل تزايد الضغوط على المستشفيات الحكومية ونقص الكوادر الطبية في بعض المناطق. كما أن اللامركزية في توزيع المرافق الصحية جعلت بعض المناطق الداخلية تفتقر إلى الخدمات الصحية الأساسية. في هذا الإطار، كان تبون يدرك أن تحسين النظام الصحي لا يتطلب فقط بناء المستشفيات، بل أيضًا تحسين جودة الرعاية الصحية التي يحصل عليها المواطنون.
أهم الإصلاحات والفرص:
تطوير البنية التحتية الصحية: تم إطلاق عدة مشاريع لتحسين المستشفيات والمراكز الصحية، خاصة في المناطق النائية. تم التركيز على تجديد تجهيزات المستشفيات وتوفير الأدوية اللازمة بأسعار معقولة.
الطب الوقائي والصحة العامة: تبون دعم حملات التوعية الصحية لمكافحة الأمراض المزمنة مثل السرطان، السكري، وأمراض القلب. كما تم تعزيز خدمات الطب الوقائي لتقليل من عبء الأمراض المعدية وغير المعدية.
مكافحة كورونا: خلال جائحة كورونا، استجابت الجزائر بشكل سريع من خلال توفير أجهزة التنفس الصناعي والمستلزمات الطبية. كما تم تنفيذ حملات تطعيم شاملة، وهو ما ساعد في التخفيف من الآثار السلبية للجائحة.
التحديات:
نقص الكوادر الصحية: ما يزال القطاع الصحي يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية المتخصصة، مما يتطلب برامج تدريبية مستمرة وتوفير حوافز لتشجيع الأطباء والممرضين على العمل في المناطق النائية.
المساواة في الوصول للخدمات الصحية: رغم التحسن في البنية التحتية، إلا أن بعض المناطق لا تزال تعاني من ضعف في تقديم الخدمات الصحية الأساسية. وهذا يتطلب تخصيص مزيد من الموارد لتحسين توزيع الخدمات بشكل عادل بين جميع المناطق.
3. الشباب: دعم المبادرات وتوفير الفرص
تعد مشكلة البطالة بين الشباب أحد أكبر التحديات الاجتماعية في الجزائر. وقد تراوحت معدلات البطالة بين الشباب بين 25% و30% في السنوات الأخيرة. إضافة إلى ذلك، يعاني الشباب من ضعف في فرص التعليم المهني والتدريب الذي يتماشى مع احتياجات سوق العمل. من هنا، كانت سياسة تبون تتجه نحو توفير فرص عمل جديدة للشباب، ودعمه عبر برامج تدريبية، بالإضافة إلى تعزيز المشاركة الاجتماعية لهؤلاء الشباب في مختلف المجالات.
أهم الإصلاحات والفرص:
تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة: تبون أطلق عدة مبادرات لدعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة. تم تخصيص موارد مالية لتقديم قروض ميسرة للمشاريع الناشئة، وتسهيل إجراءات التسجيل والترخيص.
التعليم المهني والتقني: تم التركيز على تعزيز برامج التدريب المهني في القطاعات التي تعاني من نقص في اليد العاملة، مثل الصناعة، الفلاحة، والتكنولوجيا. هذا التوجه يهدف إلى تحسين مهارات الشباب وفتح آفاق عمل جديدة.
الاهتمام بالرياضة والفنون: في إطار إشراك الشباب في الأنشطة الاجتماعية، تم تعزيز دعم الفعاليات الرياضية والفنية. تم افتتاح منشآت رياضية جديدة في مختلف المناطق، مما يساهم في تعزيز ممارسات الشباب للرياضة، ويعزز أيضًا من التواصل الثقافي والفني.
التحديات:
البطالة: رغم السياسات التي تبناها تبون لدعم تشغيل الشباب، إلا أن البطالة تظل مرتفعة بين فئة الشباب، لا سيما في المناطق الداخلية.
الهجرة غير الشرعية: يعاني عدد كبير من الشباب الجزائري من الإحباط بسبب نقص الفرص، مما يدفعهم إلى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا بحثًا عن حياة أفضل. تحتاج الجزائر إلى معالجة هذا الموضوع من خلال تحسين بيئة العمل وتوفير فرص حقيقية في الداخل.
من خلال السياسات الاجتماعية التي تبناها الرئيس عبد المجيد تبون، يمكن القول أن الجزائر بدأت تشهد خطوات إيجابية نحو تحسين الوضع الاجتماعي في البلاد. ورغم التحديات الكبيرة التي لا تزال قائمة في مجالات التعليم، الصحة، والشباب، فإن التوجهات الإصلاحية التي أطلقها تبون قد تساهم في تحسين هذه القطاعات بشكل تدريجي. يبقى النجاح في تحقيق هذه الإصلاحات مرهونًا بالتنفيذ الفعّال للسياسات، وتوفير التمويل اللازم، والعمل على حل المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المواطنون.
أنيسة براهنة



