
المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة (INESG)
ندوة علمية في الجزائر تسلط الضوء على جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي ضد الشعب الفلسطيني
شهد المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة (INESG) بحر هذا شهر ديسمبر.. انعقاد ندوة علمية هامة بعنوان “انتهاك القانون الدولي الإنساني، جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني”، نظّمها مخبر دراسات وتحليل السياسات العامة في الجزائر. الندوة جاءت كمبادرة من البروفيسورة نجية مقدم، مديرة المخبر، التي طرحت الإشكالية المركزية المتمثلة في مدى تأثير المنظمات الحقوقية الدولية والمحكمة الجنائية الدولية في التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وانعكاسات هذه الجرائم على القضية الفلسطينية.
كلمات افتتاحية وضعت الإطار العام
افتُتحت الندوة بكلمات لكل من مدير المعهد، وعميد كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية سليمان اعراج، بالإضافة إلى البروفيسورة نجية مقدم، التي قدّمت تساؤلات محورية، أبرزها: كيف يمكن فرض احترام القانون الدولي الإنساني؟ ومن يتحمّل المسؤولية القانونية والسياسية؟
تدخلات علمية عميقة في محاور متعددة
أدار الجلسة البروفيسور أحمد عظيمي، وشهدت الندوة مشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين الذين تناولوا القضية الفلسطينية من زوايا متعددة:
1. الخلفية التاريخية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
قدمها الدكتور محمد الطاهر ديلمي، المنسق العام للجنة الشعبية الجزائرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مستعرضاً الجذور التاريخية للصراع وما يرتبط به من انتهاكات ممنهجة للقانون الدولي الإنساني.
2. الأبعاد الدولية لمذكرتي الاعتقال
تناول البروفيسور سعيد مقدم التداعيات السياسية والقانونية لمذكرتي توقيف صادرتين في 21 نوفمبر 2024 ضد مسؤولين إسرائيليين متورطين في جرائم حرب مثل استخدام التجويع كسلاح، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كالتهجير القسري والهجمات العسكرية على المدنيين. أشار مقدم إلى التحديات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك الطعون المقدمة ضدها وتهديدات مباشرة تعرضت لها المحكمة في 2 ديسمبر 2024، ما يهدد استقلالية القضاء الدولي.
3. مسار العدالة الجنائية الدولية
قدّم البروفيسور قشي الخير، أستاذ القانون العام ورئيس جامعة سطيف، تحليلاً لمسار المحكمة الجنائية الدولية، مؤكداً أن تمويل المحكمة من دول كبرى مثل كندا وفرنسا وألمانيا يجعلها عرضة للضغوط السياسية، مما يؤثر على استقلاليتها.
4. قوة القانون أم قانون القوة؟
استعرضت الدكتورة سلامة سعيدة، نائبة عميد كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 03، التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في مواجهة جرائم الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل، مشددة على أن إسرائيل تعتمد “قانون القوة” في مواجهة “قوة القانون”.
موقف المحكمة الجنائية الدولية
أشار المشاركون إلى موقف المحكمة الجنائية الدولية الذي صدر في يوليو 2024، والذي أكّد أن التواجد الإسرائيلي في القدس غير قانوني، وأن ممارسات الاحتلال تتنافى مع قواعد القانون الدولي. وأوصت المحكمة بضرورة إخلاء المستوطنات وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار الناجمة عن الاستيطان.
توصيات الندوة
اختُتمت الندوة بحلقة نقاش شارك فيها الحضور والمتدخلون، وأسفرت عن مجموعة من التوصيات، أبرزها:
ضرورة الضغط الدولي لتفعيل قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
دعم المنظمات الحقوقية التي تعمل على توثيق الجرائم الإسرائيلية.
تكثيف الجهود الأكاديمية والإعلامية لتعريف المجتمع الدولي بجرائم الاحتلال.
تعزيز التعاون العربي والدولي لدعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة.
جاءت هذه الندوة كصرخة علمية وإنسانية تُبرز حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وتُذكّر بضرورة التمسك بالقانون الدولي كوسيلة لمواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي. ومع استمرار اعتماد إسرائيل على سياسة “قانون القوة”، تبقى القضية الفلسطينية بحاجة إلى جهود متضافرة لإنصاف شعبها وتحقيق العدالة.