
في كلمته الختامية، خلال اختتام فعاليات الملتقى الدولي الموسوم بـ”جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني”، والمنعقد بفندق الأوراسي تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عبّر وزير المجاهدين وذوي الحقوق عن عميق اعتزازه بالمشاركة في هذا الفضاء العلمي الجامع، موجهًا أسمى آيات التقدير والامتنان لكل الباحثين والخبراء الذين جعلوا من المعرفة قبلة ومن الحقيقة مبدأً لا يحيدون عنه.
وأكد الوزير أن الملتقى شكّل منبرًا علميًا رفيعًا، تناول بجرأة وعمق جراح الاستعمار التي ما تزال تنزف في الضمير الإنساني، عبر استعراض الجرائم الفظيعة التي ارتُكبت بحق الشعوب المستعمَرة، من إبادة وتعذيب وتجويع واستعباد ثقافي، إلى محاولات ممنهجة لمحو الهوية ومصادرة الذاكرة. وأضاف أن هذه الفظائع ليست أحداثًا منقطعة، بل صدمات ممتدة تتناسل آثارها جيلاً بعد جيل، وتستدعي إنصافًا وعدالة لا تسقط بالتقادم.
وشدد المتحدث على أن العدالة التاريخية، كما جسدها هذا الملتقى، ليست ترفًا نخبويًا، بل مطلبًا إنسانيًا وأخلاقيًا لحماية الذاكرة الجمعية، ومواجهة السرديات المضلّلة، وإنهاء حالة الصمت الدولي إزاء الجرائم الاستعمارية المسكوت عنها.
وتوقف الوزير عند نضالات الشعوب التي واجهت الاستعمار، مشيدًا بسعيها إلى بناء جبهة مؤسساتية موحدة للذاكرة، تضم المتاحف والمراكز البحثية ومناهج التعليم، تعمل بروح جامعة تتجاوز الحدود، تمامًا كما تجاوز الاستعمار حدوده الجغرافية ليخلّف ندوبًا في وجدان الإنسانية.
وفي هذا الإطار، نوّه بالدور المحوري الذي توليه الجزائر، بقيادة السيد رئيس الجمهورية، لمسألة الذاكرة، باعتبارها جزءًا من معركة السيادة الوطنية، وسدًّا منيعًا أمام محاولات السطو على التاريخ عبر حروب سيبيريانية ناعمة تستهدف الحقائق والوعي الجماعي.
وجدد التأكيد على مواقف الجزائر الثابتة في نصرة الشعوب المكافحة من أجل الحرية، وفي مقدمتها الشعبان الفلسطيني والصحراوي، معربًا عن إيمان الجزائر بأن إفريقيا، مهد الحضارات، جديرة باستعادة دورها الريادي في البناء الحضاري الإنساني.
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على أن الملتقى لا يُعد خاتمة لمعركة العدالة التاريخية، بل بداية لأفق جديد نحو توثيق جرائم الاستعمار، وتعزيز التضامن الدولي، وتأسيس آليات قانونية تمنح للضحايا صوتًا، وللشعوب حقًا، وللشهداء مكانة تليق بقداستهم وتضحياتهم.
وفي ختام كلمته، عبّر عن شكره العميق لكل القطاعات والجهات التي ساهمت في إنجاح هذه التظاهرة، مؤكدًا أن “الذاكرة الحرة ستبقى حيّة، ونضال الشعوب من أجل السيادة والكرامة مستمر”.
المجد والخلود للشهداء الأبرار.




