
الطيبة غباوة مع الغير؟
منذ ولادة الإنسان في هذه الحياة، ومنذ تواجده على هذه الأرض و هو يتعلم ، ولا يمضي يوم إلا وقد اكتسب درسا في دنياه التي يتنفس فيها عبقها، ومن بينها خلق الطيبة و استعمالها كوسيلة في معاملة الناس، لكن تواجد القول : (الطيبة مع الأشرار ضرب من الغباوة) يتعايش بيننا إلى اليوم، أ هو صحيح ويجوز الاقتداء به؟ أم غير ذلك؟
الطيبة، خلق من بين الأخلاق الحسنة، التي يلزم على المرء الاتصاف بها، فهي الروح والصفة الجميلة التي يحيا بها الكون، بل هي لؤلؤة الإنسان التي تكون محفورة بقلبه، و لا يمكن اعتبارها غباوة بل إنما هي حسن تربية التربية، وحسن أدب، وتخلق، فلقلوب الطيبة لا تحمل الحقد لأحد، أو الضغينة على أي كان، بل إنما التصرف بالطيبة مع الشرير، إنما هي أحسن معاملة معه، وأحسن تواصل يمكن، أن يستعين به الإنسان في حياته مع أي شخص يلتقي به في طريقه وسبيله، كما أن الرسول – صلى الله عليه و سلم – قد نصح و أوصى مجتمعه بالتحلي ومقابلة الكلمة السيئة بالطيبة والحسنة، فإنها تشفي القلوب وإن لم تشفيها كلها فإنما تنبت الحب ببعضها، وتمحي بعضا من ألامها، كما أنه من بين صفات المسلم “الطيبة”، أي أنما استعمالها هو إحياء لبعض ضمائر الشرور، وإنارة لآفاق الظلوم و الظلام .
فتخيل مثلا لو أن العالم بأكمله يعمه الشر، وغاب الاتصال بالطيبة، فكيف سيكون العالم يا ترى؟ كيف ستبدو الحياة؟
في الحقيقة … الأمر سيكون باردا، وكل و احد معزول عن الأخر، معزول عن أخيه، معزول عن طبيعته الإنسانية عن صفة البني آدمي ، و هذا الكون وجوب وجودها معنا و إحيائها بيننا نحن البشر، بل غباوة منا عدم الاقتداء بها، وليس عكس ذلك حسب المثل: (الطيبة مع الأشرار ضرب من الغباوة)، كما أنه بالاستعانة بهذه الصفة ترتقي و ترمق مكانتك و طبقتك في المجتمع، فإن لم ترتقي بين الناس وبين إخوتك، فانك سترتقي عند الله عز وجل، بل في حقيقة الأمر سترتقي في مجتمعك و لا مجال لنكر ذلك.
و بكونها فطرة، و طبيعة من طبيعات المرء، ستجذب الإنسان إلى احد خصاله وصفاته اللازمة التي تعبر عن ذاته، وعن أصله الإنساني الطيب في العلاقات.
فان الطيبة في الحياة جزء من حياتنا و لا يمكن التجزؤ منه أو إلغاؤه في الدنيا، فإنها بكل أحوالها توقض بعض القلوب، حيث من الكلام ما أشد من الحجر وأنفذ من وخز الإبر وأمر من الصبر و أحر من الجمر، وإن من القلوب مزارع ن فازرع فيها الكلمة الطيبة فان لم تنبت كلها ينبت بعضها .
ريمة جريدي (18 عاما)