آخر الأخبارالرئيسيةدوليامتفرقاتمجتمعمحلياتوطنيايحدث اليوم
أخر الأخبار

السياسة الخارجية والتحديات الدولية

الجزائر في عهد تبون:

Spread the love

السياسة الخارجية والتحديات الدولية
الجزائر في عهد تبون

منذ تولي عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر في ديسمبر 2019، عملت الحكومة الجزائرية على توجيه سياسة خارجية تتسم بالاستقلالية، وتبحث عن تعزيز مكانة الجزائر في الساحة الدولية. تأتي سياسة الجزائر الخارجية في عهد تبون في وقت حساس، إذ تواجه البلاد تحديات داخلية اقتصادية وسياسية، بالإضافة إلى التوترات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة. وفي هذا السياق، يمكن القول إن تبون سعى إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على علاقات الجزائر التقليدية مع القوى الكبرى مثل فرنسا و الولايات المتحدة، وبين تعزيز التعاون الإقليمي و الدور القيادي في إفريقيا والعالم العربي.

1. السياسة الخارجية الجزائرية تحت تبون: الثوابت والتوجهات الجديدة

تتميز السياسة الخارجية الجزائرية بشكل عام بكونها مستقلة وغير منحازة.. وهو ما يعكس إرث الحركة الوطنية الجزائرية ومواقفها التاريخية خلال فترة الاستقلال. على الرغم من التحديات الاقتصادية التي تعيشها الجزائر، حيث حافظت الجزائر تحت قيادة تبون على عدة ثوابت رئيسية في سياستها الخارجية، وهي:

الدفاع عن القضية الفلسطينية: تظل القضية الفلسطينية في قلب السياسة الخارجية الجزائرية. تبون قد أكد في مناسبات عدة على دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وقد أكد على رفض الجزائر لأي تسوية لا تضمن حقوق الفلسطينيين.

الاستقلالية في القرار السياسي: الجزائر تحت تبون تسعى إلى تعزيز استقلال قرارها السياسي بعيدا عن أي تدخلات أجنبية، وتواصل دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها.

التزام مبدأ عدم الانحياز: الجزائر تعمل على توسيع علاقاتها الدولية دون الدخول في تحالفات تفرض عليها قيودًا، وتحرص على إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الدولية.

2. السياسة الجزائرية في محيطها الإقليمي

في عهد تبون، أولت الجزائر اهتمامًا خاصًا بتعزيز علاقاتها الإقليمية في شمال إفريقيا و منطقة الساحل، نظراً لأهمية استقرار هذه المناطق بالنسبة للأمن الداخلي والخارجي للجزائر.

الجزائر وليبيا: دعم الحل السياسي

كانت الأزمة الليبية من أبرز الملفات التي كان على الجزائر التعامل معها خلال فترة تبون. الجزائر التي تعد جارة مباشرة لليبيا، كانت دائمًا حريصة على حل سلمي للأزمة الليبية. تبون أعلن مرارًا عن استعداد الجزائر لتقديم دعم كامل للجهود السياسية لتحقيق التوافق الليبي-الليبي، وأكد على أن الحل العسكري لا يمكن أن يكون خيارًا لإنهاء الأزمة.

كما عملت الجزائر على تعزيز التنسيق مع الأمم المتحدة و الاتحاد الإفريقي، والدول المجاورة مثل تونس ومصر، لتسريع الجهود نحو إرساء الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا. وكانت الجزائر في مقدمة الدول التي دعمت مؤتمر برلين حول ليبيا في يناير 2020، الذي هدف إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة الليبية.

الجزائر والمغرب: التوترات الحدودية

علاقات الجزائر مع جارتها المغرب عرفت توترات كبيرة في السنوات الأخيرة.. وأزمة الصحراء الغربية هي واحدة من أكبر القضايا العالقة بين البلدين. الجزائر تقف بثبات إلى جانب حق تقرير مصير الشعب الصحراوي.. وهو ما يضعها في خلاف مع المملكة المغربية التي تعتبر الصحراء الغربية جزءًا من أراضيها. في عهد تبون.. استمرت الجزائر في دعم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) في نضالها من أجل الاستقلال. ما أدى إلى استمرار التوترات على الحدود بين الجزائر والمغرب.

وفي 2021، تصاعدت الأزمة بشكل أكبر عندما قررت الجزائر إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية بسبب ما اعتبرته تدخلات مغربية في قضايا داخلية للجزائر. إضافة إلى دعم المغرب لمواقف قد تعارض مصالح الجزائر في القضايا الإقليمية.

الجزائر ودول الساحل: التعاون الأمني والتحديات الإرهابية

منطقة الساحل الإفريقي تعتبر من أكثر المناطق عرضة للخطر في ظل انتشار الجماعات الإرهابية والنزاعات المسلحة. الجزائر التي تشترك في حدود شاسعة مع دول مثل مالي و النيجر و موريتانيا، عملت على تعزيز التعاون الأمني مع هذه الدول لمكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة.

تبون كان حريصًا على تعزيز مبادرات السلام في المنطقة.. حيث كانت الجزائر في مقدمة الدول التي دعمت الجيش المشترك لدول الساحل لمكافحة الإرهابيين.. كما عملت على تسهيل الوساطات بين الأطراف المتنازعة في مالي، حيث جرت مفاوضات الجزائر في 2015.. التي أسهمت في توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة المالية والجماعات المسلحة.

3. الجزائر في علاقاتها مع القوى الكبرى

على المستوى الدولي، سعت الجزائر تحت قيادة تبون إلى تعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة و روسيا و الصين. بما يخدم مصالحها الوطنية في مجالات الاقتصاد و الأمن و التكنولوجيا.

الجزائر والولايات المتحدة: شراكة استراتيجية

علاقة الجزائر مع الولايات المتحدة الأمريكية شهدت تحسّنًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة. في عهد تبون، تم التركيز على تعزيز التعاون الأمني بين البلدين في مجالات مكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة، حيث تشكل الجزائر شريكًا مهمًا في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، خاصة مع رغبة الجزائر في تنويع مصادر الطاقة.

الجزائر وروسيا: تعزيز التعاون العسكري

تحرص الجزائر على الحفاظ على علاقة قوية مع روسيا، خصوصًا في المجال العسكري. الجزائر تعتبر من أكبر عملاء الأسلحة الروسية في إفريقيا، حيث تتعاون مع موسكو في التسليح و التدريب العسكري. هذه العلاقة تعكس رغبة الجزائر في الحفاظ على استقلالها العسكري والسياسي، بعيدًا عن تأثير القوى الغربية.

الجزائر والصين: شراكة اقتصادية

تعد الصين أحد أبرز الشركاء التجاريين للجزائر في السنوات الأخيرة. تبون كان حريصًا على تعميق العلاقات الاقتصادية مع الصين، خاصة في مجال البنية التحتية.. حيث تنفذ الشركات الصينية عددًا من المشاريع الكبرى في الجزائر. وبالإضافة إلى ذلك، تسعى الجزائر إلى الاستفادة من مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين لتعزيز التجارة و الاستثمار بين البلدين.

4. التحديات الدولية التي تواجه الجزائر

رغم هذه السياسة الخارجية النشطة، الا أن الجزائر تواجه العديد من التحديات الدولية التي تؤثر على استراتيجياتها:

تغير موازين القوى الإقليمية: الجزائر تجد نفسها في وسط صراعات إقليمية متزايدة.. سواء على مستوى علاقاتها مع جيرانها أو مع القوى الكبرى التي تسعى للتوسع في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.

التدخلات الأجنبية في المنطقة: الجزائر تتحفظ على التدخلات الأجنبية في شؤون المنطقة العربية والإفريقية.. خاصة التدخلات الغربية في ليبيا و سوريا.. حيث تسعى الجزائر إلى تقوية الجهود المحلية لحل الأزمات بعيدًا عن التدخلات الخارجية.

التحديات الاقتصادية: السياسة الخارجية الجزائرية بحاجة إلى تكامل مع الجهود الداخلية لتحقيق التنمية المستدامة.. حيث يتطلب تعزيز العلاقات الدولية الكثير من الموارد المالية والاقتصادية.. التي قد تواجه صعوبة في ظل التحديات الاقتصادية الداخلية.

تحت قيادة عبد المجيد تبون، تسعى الجزائر إلى تعزيز مكانتها الدولية من خلال سياسة خارجية نشطة ومتوازنة.. تهدف إلى تعزيز استقلالية القرار السياسي، ودعم القضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية
وتحقيق التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. ورغم التحديات الإقليمية والدولية، تواصل الجزائر العمل على تعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى والإقليمية، مع التركيز على تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى