
الجزائر قوة السلام التي لا تنكسر
قراءة لافتتاحية مجلة “Maroc Hebdo”
في سياق تصاعد حدة التوترات الإقليمية بين الجزائر والمغرب، اختارت مجلة Maroc Hebdo الفرنسية أن تثير الرأي العام بعبارة مستفزة: “الجزائر تريد الحرب”. هذا العنوان، الذي يعكس عقلية تصعيدية، يتجاهل تمامًا الحقيقة الميدانية والوقائع التاريخية التي لطالما أكدت أن الجزائر تبنت نهج السلام والدفاع عن القضايا العادلة.
إطار دبلوماسي مشوه
تتحدث المجلة عن “نجاحات دبلوماسية” مزعومة للمغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية. لكن الحقيقة الماثلة أمام المجتمع الدولي أن هذه النجاحات تقوم على شراء المواقف وإبرام صفقات مشبوهة، لا سيما مع أطراف دولية تسعى لتحقيق مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية على حساب القانون الدولي وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
الجزائر، على العكس، لطالما وقفت إلى جانب الشرعية الدولية. دعمها للقضية الصحراوية ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تجسيد لمبادئ ثورية نابعة من تاريخها النضالي ضد الاستعمار. فهل يُعقل أن تُتهم دولة تُدافع عن تقرير المصير بأنها تسعى إلى الحرب؟
التضليل الإعلامي وأهدافه
ما تسعى إليه مجلة Maroc Hebdo ليس مجرد تحليل للوضع الإقليمي، بل محاولة لتوجيه الرأي العام المغربي والدولي نحو شيطنة الجزائر. فالكلمات المحمّلة بالعاطفة والتخويف تخدم أجندة معينة: تحويل الانتباه عن الأزمات الداخلية التي يعيشها المغرب، سواء على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، أو السياسي.
الجزائر قوة السلام التي لا تنكسر
فبدلاً من معالجة مشاكل الفقر، البطالة، وقمع حرية التعبير داخل المملكة، تلجأ الصحافة الموالية للنظام إلى صناعة أعداء خارجيين. خطاب المجلة يكشف بوضوح هذه الاستراتيجية، حيث يتم تصوير الجزائر كدولة “معزولة دولياً” وغير مستقرة داخليًا، رغم أن الواقع يثبت العكس.
منطق الدفاع وليس الهجوم
ما لا يمكن إنكاره هو أن الجزائر كانت وستظل حريصة على حماية حدودها وسيادتها. استعراض القوة العسكرية الجزائرية، الذي انتقدته المجلة، هو حق مشروع لكل دولة. فالجيش الجزائري مؤسسة وطنية تعمل لضمان الأمن القومي في منطقة تعيش تقلبات وصراعات متعددة.
لكن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أن الجزائر تسعى للحرب. بل إن كل التصريحات الرسمية تؤكد التزامها بالحلول السلمية، ودعم الحوار كوسيلة لحل النزاعات.
دعوة للحكمة وضبط النفس
في الختام، ما تحتاجه المنطقة ليس مزيدًا من التصعيد أو الخطابات التحريضية، بل الحكمة والتهدئة. الجزائر، بدورها، لن تنجر وراء الاستفزازات، لكنها لن تتهاون في الدفاع عن حقوقها ومبادئها.
على الإعلام المغربي، إذا كان جادًا في خدمة قضايا شعبه، أن يعيد توجيه اهتمامه نحو إصلاح الداخل بدلًا من تصدير الأزمات وصناعة عدو وهمي.
الجزائر قوة سلام لا تُكسر
إن الجزائر، بتاريخها المجيد ونضالها الدائم من أجل التحرر، تظل رمزًا للثبات على المبادئ والالتزام بالقانون الدولي. أي محاولة لتشويه صورتها أو زعزعة استقرارها ستفشل أمام وعي شعبها ووحدته. فبينما تبني الجزائر علاقاتها على أسس الاحترام المتبادل والسعي للسلام، يسعى آخرون لتأجيج الصراعات وشراء الولاءات.
لكن ليعلم الجميع أن الجزائر ليست لقمة سائغة، وأن إرادة شعبها وجيشها الحامي للسيادة الوطنية قادرة على التصدي لكل المؤامرات. فالجزائر لا تبحث عن الحرب، لكنها جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي عدوان. في النهاية، ستبقى الجزائر شوكة في حلق الطغاة ومثالًا يُحتذى به في التمسك بالعدالة والحق، مهما كلف الثمن.
أ.ب




