
الجزائر تشعل عصر السرعة
مع اقترابها من عتبة رقمية جديدة، أعلنت الجزائر عن دخولها الرسمي في عصر الجيل الخامس (5G)، بعد أن أعطى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الضوء الأخضر لإطلاق هذه التقنية خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير. ويُرتقب أن تبدأ المرحلة الأولى من تنفيذ الشبكة خلال النصف الثاني من سنة 2025.
الجيل الخامس لا يمثل فقط نقلة نوعية في سرعة الإنترنت، بل يعد محركًا للتحول الاقتصادي والاجتماعي الشامل. فوفق ما كشفه وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، سيد علي زروقي، تعمل الجزائر حاليًا على وضع اللمسات الأخيرة لدراسة شاملة تشمل الأبعاد التقنية، الاقتصادية والتنظيمية، لضمان إطلاق فعّال ومدروس لشبكة الجيل الخامس.
وفي تصريح خاص، أوضح زروقي أن دفتر الشروط الخاص بتقنية 5G سيكون جاهزًا في غضون أسبوعين، تمهيدًا لإطلاق مناقصة وطنية للمتعاملين الثلاثة (موبيليس، أوريدو، وجازي)، مما يعزز التنافس ويؤسس لبيئة رقمية أكثر انفتاحًا وجودة.
وأشار الوزير إلى أن “تغطية الجزائر بشبكة الألياف البصرية بنسبة 100% بحلول 2027 ستمثل حجر الزاوية لتفعيل شبكات الجيل الخامس”، مؤكدًا أن هذه البنية التحتية ستمكّن من تحقيق استثمارات ذكية في قطاعات الصحة، التعليم، النقل، والصناعة، خصوصًا في مجال إنترنت الأشياء والمدن الذكية.
تسعى الجزائر من خلال هذه الخطوة إلى استعادة دورها كقوة تكنولوجية صاعدة في إفريقيا، وتوفير مناخ ملائم للشركات الناشئة والمستثمرين في القطاع الرقمي. كما يُنظر إلى هذا التحول كرافعة لدعم السيادة التكنولوجية، لاسيما في ظل التحديات العالمية المرتبطة بالأمن السيبراني والاقتصاد الرقمي.
بين طموحات التحول الذكي والرهانات التنظيمية، تقف الجزائر اليوم عند مفترق طرق حاسم، حيث لا يُقاس النجاح فقط بسرعة التحميل، بل بمدى انعكاس هذه التقنية على حياة المواطن، وإسهامها في تطوير الإدارة الإلكترونية، وتقليص الفجوة الرقمية بين الولايات.
وفي انتظار انطلاق التشغيل التجريبي، تترقب الأوساط الاقتصادية والتكنولوجية بترقب كبير ما ستُفضي إليه هذه الخطوة، التي تمثل بلا شك بداية جديدة لعصر رقمي واعد في الجزائر.