
الجذور الكريولية الإفريقية للبابا ليون الـ14: سيرة منسية تعود إلى الواجهة
كشفت دراسة تاريخية حديثة أجراها مؤرخ من مدينة نيو أورلينز عن جانب غير معروف من سيرة البابا ليون الرابع عشر، مفاده أنه ينحدر من عائلات كريولية مصنفة في القرن التاسع عشر ضمن فئة “الأشخاص الأحرار من ذوي البشرة الملونة”. وهي حقيقة تاريخية تثير مشاعر الفخر والتأمل في آنٍ معًا، خاصة لدى الأمريكيين من أصول إفريقية.
فانتخاب ليون الرابع عشر لم يكن مجرد حدث ديني مهم في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، بل أعاد إلى الواجهة فصلًا منسيًا من التاريخ الأمريكي. ففي ولاية لويزيانا، نجح عالم الأنساب جاري هونورا في تتبّع أصول البابا حتى إحدى المجتمعات الكريولية العريقة التي استقرت هناك قبل اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية.
كل شيء بدأ باسم واحد: “بريفو”، وهو اسم البابا الذي يحمل نغمة فرنسية لافتة. دفع هذا الاسم هونورا إلى التنقيب في سجلات القرن التاسع عشر، حيث اكتشف أن الأجداد الأربعة من جهة الأم للبابا كانوا يُصنّفون آنذاك ضمن “الأشخاص الأحرار من ذوي البشرة الملونة”.
يقول هونورا:
“بالنسبة للمجتمع الكاثوليكي الأسود، فإن هذه الحقيقة تُظهر عمق جذور إيماننا. لقد بدأ هذا الإيمان منذ القرن السادس عشر، حتى هنا في أمريكا الشمالية.”
هذه العائلات، التي نالت حريتها قبل إلغاء العبودية، شكّلت مجتمعًا متمايزًا ثقافيًا وهوياتيًا، يمزج بين الفرنسية والإسبانية والأفريقية، وأحيانًا العناصر الأمريكية الأصلية. هذا الخليط الثقافي الفريد كان من أبرز سمات لويزيانا الكريولية، لكنه كثيرًا ما تعرض للتجاهل والإقصاء في السرديات التاريخية الرسمية.
مارك موريا، العمدة السابق لنيو أورلينز، نشأ في نفس الحي الذي عاشت فيه عائلة البابا. عبّر عن فخره بهذا الكشف، لكنه لم يُخفِ أيضًا إحساسًا بالحزن.
ويضيف:
“في أمريكا، كثيرون اضطروا للتخلي عن هويتهم ليبقوا على قيد الحياة. سود ادّعوا أنهم بيض، يهود غيّروا أسماءهم ليتم قبولهم… هذه أيضًا من حقائق هذا البلد.”
إن الكشف عن الأصول الكريولية للبابا ليون الرابع عشر يلقي الضوء على تقاطعات معقّدة بين الهجرة، والإيمان، والهوية. إنها حكاية ممتدة من شوارع نيو أورلينز إلى أروقة الفاتيكان، وتُلهب الخيال التاريخي لما تحمله من دلالات عميقة تتجاوز حدود الكنيسة إلى صميم التجربة الإنسانية.