
التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر
جريمة ضد الإنسان والبيئة ونداء للعدالة التاريخية
في سياق الجرائم الاستعمارية التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر، تبقى التجارب النووية التي أجرتها بين عامي 1960 و1966 في الصحراء الجزائرية من أكثر الفصول المظلمة في التاريخ الحديث. لم تكن هذه التفجيرات مجرد تجارب عسكرية، بل كانت جريمة ضد الإنسانية والبيئة، حيث خلفت آثارًا كارثية لا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم. ورغم استقلال الجزائر، إلا أن هذا الملف لم يُغلق بعد، وما زالت المطالبات بالاعتراف والتعويض مستمرة.
بدأت فرنسا برنامجها النووي في الجزائر خلال فترة الاستعمار، بهدف تعزيز قدراتها العسكرية والانضمام إلى نادي الدول النووية. أجرت أول تفجير نووي في 13 فبراير 1960 بمنطقة “رقان” تحت اسم “اليربوع الأزرق”، بقوة 70 كيلوطن، أي أقوى بثلاث مرات من القنبلة التي ألقيت على هيروشيما. استمرت هذه التجارب لسنوات، وشملت تفجيرات جوية وأخرى تحت الأرض، مما أدى إلى تلوث إشعاعي كارثي امتد إلى مناطق واسعة، متسببًا في أضرار صحية وبيئية جسيمة.
الآثار البيئية والصحية للتفجيرات النووية
تسببت هذه التفجيرات في تلويث التربة والمياه، كما تسببت في انتشار الغبار النووي المشع، الذي وصل إلى مناطق بعيدة داخل الجزائر وخارجها. ومن بين الأضرار الصحية المسجلة:
ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية.
أمراض الجهاز التنفسي والعقم.
تأثيرات جينية امتدت لأجيال متعاقبة.
رغم هذه الآثار الكارثية، لم تقم فرنسا حتى اليوم بأي خطوات جدية لمعالجة الأضرار أو تعويض الضحايا.
خلال اليوم الدراسي الموسوم بـ “التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر جريمة ضد الإنسان والبيئة” الذي تم انتقادة بمالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال ، تم الخروج بعدة توصيات تهدف إلى إحياء الملف على المستوى الوطني والدولي، وأبرزها:
1. إقرار قانون تجريم الاستعمار، وذلك بضرورة سن قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي، يلزم باريس بالاعتراف بمسؤولياتها وتعويض الضحايا.
2. توثيق الشهادات الحية، بتسجيل شهادات المجاهدين والضحايا في الأرشيف الوطني لحفظ الذاكرة التاريخية.
3. إنشاء مركز وطني للذاكرة النووية، بحيث يكون مركز بحثي لدراسة التأثيرات المستمرة ونشر تقارير علمية دورية.
4. متابعة الأضرار الصحية والبيئية، من خلال تنظيم دراسات ميدانية ومتابعة الوضع الصحي للضحايا.
5. الضغط الدولي على فرنسا، بتشكيل لوبي دبلوماسي وحقوقي لحمل فرنسا على الاعتراف والتعويض.
6. إدراج الملف في المناهج التعليمية، يهدف إلى زيادة وعي الأجيال الجديدة بهذه الجرائم.
7. تنظيم ندوات ومؤتمرات علمية لبحث الأبعاد القانونية والإنسانية للقضية.
8. إنتاج أفلام وثائقية وأعمال أدبية تسلط الضوء إعلاميًا على المأساة.
9. تخصيص يوم وطني للذاكرة النووية، ليكون محطة سنوية لتذكير العالم بهذه الجريمة.
10. رفع دعاوى قضائية ضد فرنسا والضغط عليها عبر المحاكم الدولية للحصول على تعويضات عادلة.
التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر ليست مجرد حادثة تاريخية، بل هي قضية راهنة تتطلب معالجة شاملة من الناحية القانونية والإنسانية والبيئية. إن إبقاء هذا الملف مفتوحًا هو مسؤولية وطنية وأخلاقية، ويشكل جزءًا من النضال المستمر لاسترجاع الحقوق وإدانة الاستعمار وجرائمه. لن يهدأ التاريخ حتى يتم تحقيق العدالة، ولن يُمحى الألم إلا بالاعتراف والتعويض العادل.