متفرقاتمجتمع
أخر الأخبار

التعليب وتسليع الجماهير

كيف تتحول الألعاب الإلكترونية إلى أدوات استخباراتية؟

Spread the love

التعليب وتسليع الجماهير
كيف تتحول الألعاب الإلكترونية إلى أدوات استخباراتية؟

الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
في واقعة تثير العديد من التساؤلات حول الخصوصية واستغلال التكنولوجيا، كشفت شركة “نيانتيك”، المطورة للعبة الشهيرة “بوكيمون جو”، عن استخدام اللاعبين بشكل غير مباشر لتدريب نموذج جغرافي مكاني مدعوم بالذكاء الاصطناعي. الهدف؟ رسم خرائط دقيقة لأماكن لم تكن معروفة أو محددة بشكل جيد. بمعنى آخر، أصبح ملايين اللاعبين حول العالم أشبه بـ”جواسيس مجانيين” يعملون دون علمهم لصالح الشركة.

كيف حدث ذلك؟

عند إطلاقها في عام 2016، جذبت لعبة “بوكيمون جو” ملايين اللاعبين بفضل فكرتها المبتكرة التي تجمع بين الواقع المعزز وتقنيات تحديد المواقع GPS. كان على اللاعبين التنقل في العالم الحقيقي للعثور على البوكيمونات الافتراضية. وبينما كان اللاعبون يتنقلون بين الشوارع والحدائق وحتى الأماكن النائية، كانوا في الواقع يقدمون بيانات غنية عن المواقع الجغرافية، بما في ذلك الصور والمواقع الدقيقة.

شركة “نيانتيك” اعترفت بأن البيانات التي جمعتها ساهمت في تدريب أنظمتها وتحسين خريطة العالم. هذه الخرائط أصبحت لاحقًا جزءًا من نماذج ذكاء اصطناعي تستخدم في تطبيقات مختلفة، منها تطوير روبوتات وأنظمة ملاحة ذكية.

لماذا قامت الشركة بهذا العمل؟

الشركات التقنية الكبيرة تعتمد بشكل متزايد على “تدريب النماذج الذكية”، وهي عملية مكلفة ومستهلكة للوقت. لذلك، لجأت “نيانتيك” إلى اللاعبين لجمع هذه البيانات دون الحاجة إلى فرق ميدانية أو معدات متخصصة. هذه البيانات ساعدت الشركة على تطوير خرائط دقيقة وشاملة، مما يعزز تطبيقاتها المستقبلية ويرفع قيمتها السوقية.

لكن يبقى السؤال: هل كان اللاعبون على علم بهذا الاستخدام؟ وهل كان هناك إشعار مسبق بأن أنشطتهم تُستخدم لأغراض أخرى غير الترفيه؟

التحديات الأخلاقية والقانونية

تعكس هذه الواقعة مشكلة أكبر تتعلق بمدى الشفافية التي تقدمها الشركات التقنية عند جمع بيانات المستخدمين. قد تكون الموافقة على “الشروط والأحكام” التي غالبًا ما تُكتب بلغة قانونية معقدة هي الغطاء القانوني الذي استخدمته “نيانتيك”، لكن من الناحية الأخلاقية، يرى الكثيرون أن هذا العمل غير مقبول.

علاوة على ذلك، تُثير هذه الحادثة أسئلة حول حدود الخصوصية الرقمية ومدى استعداد المستخدمين للتضحية بها مقابل خدمات مجانية أو ترفيهية.

آراء الخبراء والجماهير

بعض الخبراء يرون أن هذه الممارسات جزء من مستقبل تقني يعتمد على تبادل المنافع بين المستخدمين والشركات. ومع ذلك، هناك تحذيرات من أن هذه الاستراتيجية قد تتوسع لتشمل مجالات أخرى، مما يضع الخصوصية الفردية في خطر أكبر.

على الجانب الآخر، يشعر العديد من اللاعبين بالخيانة بعد اكتشافهم أن نشاطاتهم في اللعبة كانت تُستخدم دون علمهم لتحقيق أهداف تجارية بحتة. وتطالب مجموعات حقوقية وقانونية بمزيد من الشفافية والمساءلة من الشركات.

تُظهر هذه القصة كيف يمكن أن يتحول الترفيه الرقمي إلى أداة تسليع للجماهير، حيث يتم استغلال جهود المستخدمين ووقتهم لتحقيق أرباح هائلة. وبينما تستمر التكنولوجيا في التقدم، يصبح من الضروري أن يُطالب المستهلكون بمزيد من الشفافية والمسؤولية من الشركات الكبرى. في النهاية، السؤال الذي يبقى: إلى أي مدى نحن مستعدون للتضحية بخصوصيتنا مقابل الترفيه؟

سالي سيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى