
البحث العلمي وتعزيز الأمن المجتمعي
نحو استراتيجيات فعالة للاستقرار والتنمية
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبح الأمن المجتمعي أحد المرتكزات الأساسية لضمان الاستقرار والتنمية المستدامة. فالمجتمعات التي تنعم بالأمن والاستقرار تكون أكثر قدرة على تحقيق التقدم والازدهار. ومن هذا المنطلق، يأتي دور البحث العلمي في تقديم رؤى وحلول مبتكرة لمواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية التي تهدد التماسك المجتمعي.
وفي هذا الإطار، نظمت الوكالة الموضوعاتية للبحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية، ملتقى وطنياً حول الأمن المجتمعي، وذلك يومي 25 و26 فبراير 2025 بجامعة قسنطينة 3 – علي منجلي. وقد شهد الملتقى حضور نخبة من الأساتذة والباحثين، من بينهم الأستاذة بوكريسة عائشة، التي كان لها دور بارز في تفعيل النقاشات وطرح إشكاليات جوهرية حول دور البحث العلمي في تعزيز الأمن المجتمعي.
مفهوم وأهمية الأمن المجتمعي
الأمن المجتمعي لا يقتصر على الجوانب الأمنية التقليدية، بل يشمل مختلف الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية التي تضمن استقرار المجتمعات وتعزز قدرتها على مواجهة التحديات. فهو يمثل شبكة الأمان التي تحمي الأفراد من المخاطر المختلفة، مثل العنف، التطرف، الجريمة، والتهميش الاجتماعي. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى مقاربات علمية متكاملة لفهم طبيعة هذه التحديات ووضع استراتيجيات ناجعة للتعامل معها.
تأتي هذه الورشة الوطنية كخطوة أساسية لإطلاق برنامج بحثي وطني، يهدف إلى دراسة وتحليل العوامل المؤثرة في الأمن المجتمعي، واقتراح سياسات واستراتيجيات فعالة لمواجهتها. فالتحليل العلمي للظواهر الاجتماعية يساهم في وضع حلول مبنية على أسس علمية تضمن معالجة مستدامة للمشكلات المطروحة. كما أن التكنولوجيا الحديثة تلعب دورًا محوريًا في دعم الدراسات الاجتماعية من خلال تحليل البيانات الضخمة، واستعمال الذكاء الاصطناعي لتحديد الاتجاهات والتنبؤ بالتحديات المستقبلية.
النقاشات والمحاور الرئيسية
شهد الملتقى نقاشات معمقة حول مختلف العوامل المؤثرة في الأمن المجتمعي، حيث تم تسليط الضوء على القضايا الآتية:
التحولات الاجتماعية وتأثيرها على الأمن المجتمعي: حيث تمت مناقشة كيفية تأثير المتغيرات الديموغرافية والاقتصادية على استقرار المجتمع.
دور المؤسسات التعليمية والثقافية في ترسيخ قيم المواطنة: أكد المشاركون على أهمية التربية والتعليم في بناء وعي جماعي يحمي المجتمع من التفكك والانحراف.
التحديات الأمنية في الفضاء الرقمي: تم التطرق إلى الجرائم الإلكترونية، والتطرف الرقمي، وخطورة المعلومات المضللة على الاستقرار الاجتماعي.
مقاربة تشاركية لتعزيز الأمن المجتمعي: شدد الباحثون على ضرورة إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية في وضع استراتيجيات مستدامة لمواجهة التحديات الأمنية.
التوصيات والمخرجات
خرج الملتقى بمجموعة من التوصيات المهمة، كان أبرزها:
ضرورة تعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات الحكومية لوضع سياسات قائمة على البحث العلمي في مجال الأمن المجتمعي.
تطوير برامج تعليمية تعزز قيم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية، خاصة في المؤسسات التربوية.
الاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لدراسة الظواهر الاجتماعية المرتبطة بالأمن.
تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم البحث العلمي في مجال الأمن المجتمعي، بما يضمن استدامة المشاريع البحثية.
أكد الملتقى الوطني حول الأمن المجتمعي، المنظم بجامعة قسنطينة 3، على أن البحث العلمي يشكل ركيزة أساسية لضمان الاستقرار والتنمية المستدامة. ومن خلال تضافر جهود الباحثين وصناع القرار والمجتمع المدني، يمكن بناء استراتيجيات فعالة تعزز الأمن المجتمعي وتواجه التحديات المستقبلية، مما يضمن تحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للمجتمع الجزائري.