آخر الأخبارالرئيسيةدوليامتفرقاتمجتمعمحلياتوطنيايحدث اليوم
أخر الأخبار

الانتخابات والحوكمة

هل تحققت وعود تبون في إصلاح النظام السياسي؟

Spread the love

الانتخابات والحوكمة
هل تحققت وعود تبون في إصلاح النظام السياسي؟

منذ أن تولى عبد المجيد تبون رئاسة الجزائر في ديسمبر 2019، كان أحد أبرز الوعود التي قدمها للشعب الجزائري هو إصلاح النظام السياسي وتحقيق الشفافية والعدالة في العملية الانتخابية. جاء هذا الوعد في وقت كانت فيه الجزائر تمر بتحديات سياسية كبيرة، بعد حراك شعبي عام 2019 أطاح بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.. حيث طالب المحتجون بإصلاحات سياسية شاملة، بما في ذلك تحسين الحوكمة وتوسيع نطاق المشاركة السياسية. وفي هذا السياق، تركزت التساؤلات حول مدى تحقق وعود تبون فيما يتعلق بتطوير النظام السياسي، وخاصة في المجال الانتخابي.

الوعود الانتخابية للرئيس تبون

قبل انتخابه، ركز عبد المجيد تبون في حملته الانتخابية على عدة نقاط رئيسية، كان من بينها:

1. إصلاح النظام الانتخابي: وُعد تبون بإجراء تعديلات قانونية تهدف إلى ضمان نزاهة الانتخابات وحمايتها من التلاعب والتزوير.

2. توسيع المشاركة السياسية: وعد تبون بتشجيع القوى السياسية المعارضة والمجتمع المدني على المشاركة الفعالة في العملية السياسية، بما في ذلك في الانتخابات والمجالس المنتخبة.

3. تعزيز الشفافية والمساءلة: كان تبون يراهن على أن الانتخابات القادمة ستكون أكثر نزاهة.. مع ضمان شفافية في عمليات الفرز وإعلان النتائج.

4. إصلاح المؤسسات: العمل على إعادة بناء الثقة في المؤسسات السياسية.. خاصة بعد سنوات من الحكم الفردي في ظل نظام بوتفليقة.

الإصلاحات التي تم تنفيذها

منذ بداية فترة حكمه، بدأ تبون تنفيذ عدة إصلاحات في مجال الانتخابات والحوكمة، كان الهدف منها إعطاء إشارات قوية على التزامه بإصلاح النظام السياسي وتعزيز الديمقراطية.

1. تعديل قانون الانتخابات

أحد أهم الإجراءات التي تم اتخاذها هو تعديل قانون الانتخابات في الجزائر. في عام 2020، أُقرّ قانون الانتخابات الجديد، الذي كان خطوة نحو تعزيز شفافية العملية الانتخابية. شمل هذا القانون إنشاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وهي هيئة تابعة للدولة ولكنها تتمتع بالاستقلالية في تنظيم الانتخابات ومراقبتها، بما يضمن مراقبة أوسع وأكثر موضوعية للعملية الانتخابية.

كما تم تقليص صلاحيات السلطة التنفيذية في الإشراف المباشر على الانتخابات، مع تعزيز دور القضاء والمؤسسات المستقلة في متابعة سير العملية الانتخابية.

2. تفعيل دور البرلمان المحلي والمجالس الشعبية

في إطار إصلاح النظام السياسي، سعى تبون إلى تفعيل دور المجالس الشعبية المحلية وتعزيز مشاركتها في صنع القرار المحلي، بهدف تحقيق نوع من الديمقراطية التشاركية. تم إقرار إجراءات لتشجيع المشاركة الواسعة في الانتخابات المحلية، بما في ذلك زيادة تمثيل النساء والشباب في المجالس المنتخبة.

3. إصلاح الأحزاب السياسية والقوانين المتعلقة بها

تم تعديل بعض القوانين الخاصة بـ العمل السياسي، حيث شهدت الجزائر تعديلًا في قانون الأحزاب السياسية لفتح المجال أمام المزيد من القوى السياسية للانخراط في الحياة السياسية، بعيدًا عن أي قيود قد تعيق نشاط الأحزاب المعارضة. هذا التعديل شمل رفع بعض القيود القانونية التي كانت تحد من قدرة الأحزاب السياسية على تشكيل تحالفات أو الحصول على التمويل الكافي.

4. إصلاح العدالة والمساءلة القانونية

على الرغم من استمرار بعض التحديات، قامت الحكومة تحت قيادة تبون ببعض الخطوات لتحسين استقلالية القضاء وضمان المساءلة القانونية للمتورطين في قضايا فساد أو التلاعب في العملية الانتخابية. تم تعزيز دور القضاء في ضمان نزاهة الانتخابات، حيث كان هناك إشراف أكبر من قبل المجلس الدستوري والهيئات القضائية على جميع مراحل الانتخابات.


الانتخابات والحوكمة

التحديات التي واجهت الإصلاحات

على الرغم من هذه الإصلاحات، فإن الطريق لم يكن سهلاً، وواجه تبون العديد من التحديات التي قد تؤثر على نجاح تلك الإصلاحات:

1. الشكوك الشعبية في نزاهة الانتخابات

بالرغم من إدخال إصلاحات قانونية وإجرائية.. فإن هناك شكوكا شعبية مستمرة حول نزاهة العملية الانتخابية. العديد من الجزائريين لا يزالون يشكون في وجود التلاعب في نتائج الانتخابات.. خاصة في ظل التراكمات السابقة من عمليات التزوير في الانتخابات. هذه الشكوك لم تتبدد بشكل كامل رغم المحاولات لتعزيز الشفافية.

2. مقاطعة الانتخابات من قبل المعارضة

كانت هناك مقاطعة واسعة من بعض الأحزاب السياسية والمجتمع المدني للانتخابات المحلية والتشريعية التي جرت في فترة حكم تبون. المعارضة، التي كانت تعتبر أن العملية السياسية ما زالت تفتقر إلى المصداقية الحقيقية، عزفت عن المشاركة في الانتخابات أو قاطعت العملية الانتخابية بشكل جماعي.

ورغم محاولات الحكومة لتشجيع المعارضة على المشاركة، إلا أن العديد من القوى السياسية نظرت إلى الانتخابات كجزء من استراتيجية النظام للاستمرار في السلطة دون تحقيق التغيير الجذري الذي يطالب به الشارع.

3. الضغوط الإقليمية والدولية

شهدت الجزائر ضغوطًا من منظمات دولية ومحلية للمضي قدمًا في إصلاحات أعمق وأكثر جذرية. هناك تقارير من بعض المنظمات الحقوقية التي تشير إلى أن الإصلاحات لم تواكب التوقعات الشعبية في تحسين مستوى الحوكمة أو تعزيز حقوق الإنسان بشكل ملحوظ. كما أن بعض الإصلاحات بقيت غير مكتملة أو مشوهة بسبب التحديات السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

4. التحديات الاقتصادية التي أثرت على الإصلاحات

من الصعب إجراء إصلاحات سياسية شاملة في بيئة اقتصادية ضاغطة. الجزائر، التي تعاني من تراجع إيرادات النفط وتحديات اقتصادية كبيرة، تواجه صعوبة في تخصيص الموارد اللازمة لضمان تنفيذ الإصلاحات بشكل فعال، خاصة في مجال تقوية المؤسسات المستقلة والمجالس المنتخبة.

هل تحققت وعود تبون؟

على الرغم من أن تبون قد أقدم على خطوات مهمة في مسار إصلاح النظام السياسي، مثل تعديل القوانين الانتخابية وتعزيز دور المؤسسات الرقابية، إلا أن تحقيق الإصلاحات السياسية الكاملة يتطلب المزيد من الوقت. المجتمع الجزائري، بعد سنوات طويلة من التغيير البطيء، يطالب بتغييرات أعمق وأسرع. الإصلاحات التي تم تنفيذها حتى الآن لا تزال في مرحلة البناء، وقد تواجه المزيد من التحديات على المدى القصير والمتوسط.

على صعيد آخر، فإن استمرار المقاطعة الشعبية من بعض القوى السياسية وعدم انسجام جميع الأطراف في العملية السياسية قد يحد من التأثير الفعلي لهذه الإصلاحات. لكن يبقى أن الرئيس تبون قد أطلق عملية إصلاحية حقيقية تحتاج إلى صبر وتعاون سياسي لتجاوز العقبات والمضي قدمًا نحو تحقيق ديمقراطية حقيقية في الجزائر.

الخلاصة

لقد اتخذت الجزائر تحت قيادة عبد المجيد تبون عدة خطوات هامة نحو إصلاح النظام السياسي وتحقيق الشفافية في الانتخابات، مع تغييرات قانونية وإجرائية تهدف إلى تحسين الحوكمة السياسية. ومع ذلك، فإن العديد من التحديات لا تزال قائمة، بما في ذلك الشكوك الشعبية والمقاطعة السياسية، مما يستدعي تكثيف الجهود لتوسيع المشاركة وتحقيق المصداقية المطلوبة. وبالتالي، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن الجزائر من المضي قدمًا نحو إصلاح سياسي حقيقي يعكس تطلعات الشعب الجزائري؟ الجواب على هذا السؤال يعتمد على الإرادة السياسية والتزام جميع الأطراف الفاعلة في العملية السياسية.

أنيسة براهنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى