آخر الأخبارالرئيسيةدوليامتفرقاتمجتمعمحلياتوطنيايحدث اليوم
أخر الأخبار

اختلافات فكرية عن الرؤساء السابقين

عبد المجيد تبون

Spread the love

اختلافات فكرية عن الرؤساء السابقين في الجزائر
عبد المجيد تبون

يُعتبر عبد المجيد تبون من أبرز الشخصيات السياسية في الجزائر المعاصرة، حيث قاد البلاد في مرحلة حاسمة من تاريخها الحديث. إلا أن تبون يتميز عن الرؤساء السابقين في الجزائر بعدة جوانب سياسية وفكرية، بما في ذلك خلفيته الحزبية، وتوجهاته الإصلاحية.. ورؤيته للنظام السياسي الجزائري. لا شك أن توليه رئاسة الجمهورية في ديسمبر 2019 جاء في ظل ظروف استثنائية.. بعد الحراك الشعبي الذي أطاح بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.. مما أعطى تبون فرصة لعرض أفكاره وتوجهاته التي تتباين عن سياسة أسلافه في العديد من الجوانب.

خلفيته الحزبية والمهنية

أحد أبرز الاختلافات بين عبد المجيد تبون والرؤساء السابقين هو خلفيته الحزبية. على عكس الرئيسين السابقين، أحمد بن بلة هواري بومدين.. عبد العزيز بوتفليقة.. الذين كانوا جميعًا من المؤسسين والقياديين في حزب جبهة التحرير الوطني (FLN) الحاكم.. جاء تبون إلى السلطة من خارج هذا الإطار الحزبي التقليدي.

تبون بدأ مسيرته السياسية والإدارية في التسعينات.. لكنه لم يكن أحد كبار القيادات في حزب جبهة التحرير الوطني.. بل على العكس.. كان يُعتبر شخصية مستقلة نسبيًا عن الهيمنة الحزبية التقليدية. رغم أن تبون كان قريبًا في بداياته من حزب جبهة التحرير الوطني.. إلا أنه لم يرتبط ارتباطًا وثيقًا به.. بل عمل في قطاعات مختلفة مثل وزارة الثقافة والإسكان والتخطيط.. وكان معروفًا بتوجهاته الإصلاحية وعدم انصياعه للممارسات الحزبية التقليدية.

عندما تولى تبون رئاسة الجزائر في 2019.. كان يُنظر إليه على أنه شخصية قد تُمثل التغيير السياسي.. إذ كان يتمتع بسمعة طيبة كإداري نزيه.. مما جعله يحظى بدعم بعض فئات الشعب التي كانت تطالب بتغيير النظام السياسي القائم، والذي كان يهيمن عليه حزب جبهة التحرير الوطني لعقود.

اختلافات فكرية عن الرؤساء السابقين

التوجهات السياسية والإصلاحية

من أبرز الاختلافات التي ميزت تبون عن رؤساء الجزائر السابقين هي رؤيته الإصلاحية التي حملها منذ بداية توليه منصب رئيس الجمهورية. ففي الوقت الذي كان فيه الرؤساء السابقون يتبعون سياسات محافظة ومتمسكة بنظام الحزب الواحد.. فإن تبون طرح نفسه كزعيمٍ يسعى لتطوير النظام السياسي وفتح المجال للحريات وتعزيز الشفافية.

الانتقال من الحزب الواحد إلى التعددية السياسية

إحدى القضايا المركزية التي ميزت تبون عن أسلافه .. هي دعوته إلى التعددية السياسية وفتح المجال أمام الأحزاب المعارضة. في وقت سابق من حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.. كان حزب جبهة التحرير الوطني يهيمن على الحياة السياسية، مع وجود محدود للمعارضة تحت إطار “التعددية الشكلية”. لكن مع انتخاب تبون، تعهد بفتح المجال أمام القوى السياسية المختلفة لتعزيز المشاركة الشعبية.

وقد أظهرت مواقف تبون أنه لا يمانع في تشكيل جبهة وطنية تضم القوى السياسية المختلفة، بمن فيهم الأحزاب المعارضة، بهدف بناء توافق وطني أوسع. ورغم أن الممارسة السياسية في الجزائر لا تزال تشهد العديد من القيود على المعارضة، فإن تبون أطلق العديد من التصريحات التي تدعو إلى تحسين وضع الحريات السياسية، ورفض سياسات التحكم الكامل في الإعلام وحياة الأحزاب.

الاختلاف في إدارة الاقتصاد وتوجهات التنمية

رغم أنه كان جزءًا من الحكومة الجزائرية في فترة حكم بوتفليقة، إلا أن تبون كان يُعتبر من الأصوات التي تنادي بتغيير السياسة الاقتصادية للبلاد. كان تبون يدعو إلى ضرورة تقليص الاعتماد على النفط والغاز كمصدر أساسي للإيرادات الوطنية.. وشدد على أهمية تنمية القطاعات الأخرى مثل الزراعة، الصناعة، والتكنولوجيا. هذه التوجهات الإصلاحية تعكس بشكل أو بآخر، رغبة في الخروج من الاقتصاد الريعي الذي هيمن على الجزائر لعقود طويلة.

وقد تجسدت هذه التوجهات في برنامجه الانتخابي الذي ركز على تحقيق “العدالة الاجتماعية” وتقليص الفوارق الاقتصادية بين مختلف مناطق الجزائر. كما كان من بين أولوياته تطوير بنية تحتية أكثر حداثة، وتعزيز الشفافية في القطاع العام، ومكافحة الفساد الذي طالما كان هاجسًا لدى الشعب الجزائري.

اختلافات فكرية عن الرؤساء السابقين

موقفه من الحراك الشعبي

تبون تميز أيضًا عن الرؤساء السابقين بموقفه من الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير 2019 ضد النظام السياسي القائم. بينما كان سلفه بوتفليقة يقاوم الاحتجاجات الشعبية لفترة طويلة.. وُجد تبون في موقف حساس حين بدأ الحراك ينمو بشكل متسارع. ورغم أن تبون كان جزءًا من النظام الذي احتج عليه الشعب.. إلا أنه أبدى في حملته الانتخابية تجاوبًا مع مطالب الحراك.. خاصة فيما يتعلق بتغيير النّظام السّياسي ومحاربة الفساد.

ورغم ذلك.. انتقد العديد من المحتجين تبون باعتباره جزءًا من النظام السابق.. وهو ما أثر على مصداقيته في البداية. لكن تبون سعى جاهدًا.. بعد فوزه في الانتخابات.. إلى تقديم نفسه كقائد للتغيير، معتبراً أنه يحمل مشروعًا إصلاحيًا يمكن أن يلبي تطلعات الشعب الجزائري في التغيير والمشاركة السياسية.

الجانب الدبلوماسي والعلاقات الدولية

رغم أن الجزائر تحت حكم الرؤساء السابقين حافظت على سياسة دبلوماسية مستقلة.. إلا أن تبون سعى لتعزيز مكانة الجزائر في الساحة الدولية من خلال انتهاج سياسة خارجية أكثر توازناً. كان تبون يؤمن بأهمية الحفاظ على استقلالية القرار الجزائري في محيطه الإقليمي والدولي.. مع تعزيز التعاون مع دول شمال إفريقيا.. أوروبا.. ودول أخرى في العالم العربي.

من خلال سياسته الخارجية.. حاول تبون موازنة العلاقات مع القوى الكبرى.. بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا.. كما أظهر اهتمامًا متزايدًا بالملفات الإقليمية مثل القضية الفلسطينية والتوترات في منطقة الساحل.

يعد عبد المجيد تبون شخصية متميزة في تاريخ الجزائر الحديث.. حيث تمثل رؤيته السياسية ونهجه الإصلاحي تغيرًا ملحوظًا مقارنة مع الرؤساء السابقين.. لا سيما فيما يتعلق بالتحول من نظام الحزب الواحد إلى التعددية السياسية.. ورؤيته الاقتصادية التي تسعى إلى الخروج من الاعتماد الكلي على النفط.. وكذلك مواقفه من الحراك الشعبي. ورغم أن تحدياته الداخلية والخارجية تبقى كبيرة، إلا أن تبون يظل شخصية محورية قد تساهم في رسم ملامح المستقبل السياسي والاقتصادي للجزائر.

أنيسة براهنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى