
في الذكرى الـ80 لمجازر 8 ماي 1945… تبون: الجزائر لن تسمح بإقبار ملف الذاكرة ولن تحيد عن مبادئها
الجزائر – وجّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يوم الأربعاء، رسالة إلى الشعب الجزائري بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة المصادف للذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي 1945، مؤكدًا أن الجزائر ستظل متمسكة بذاكرتها التاريخية ولن تتنازل عن حقها في استرجاعه، وفيةً لرسالة نوفمبر ومبادئ الشهداء.
وفيما يلي نص رسالة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أخواتي المواطنات، إخوتي المواطنون،
في مثل هذا اليوم، الثامن من ماي، يحيي الشعب الجزائري، بكل فخر واعتزاز، ذكرى انتفاضة شعبية مفصلية في مسار الكفاح الوطني، شكّلت محطة حاسمة أدت إلى تبني خيار الكفاح المسلح كسبيل أوحد لنيل الحرية، بعدما سُدّت كل الآفاق في وجه حركة وطنية دامت عقودًا من الزمن، في ظل استعمار استبدادي لم تعرف الإنسانية مثيلاً لجرائمه التي امتدت لأكثر من قرن.
وفي هذه الذكرى الوطنية التي تُخلّد مرور 80 عامًا على مظاهرات 8 ماي 1945، يجدر بالجزائريات والجزائريين التأمل في هذا الحدث الأليم، الذي يكشف عن مدى وحشية المعاناة التي واجهها شعب مقاوم، شجاع، وصامد في الدفاع عن أرضه الطاهرة، بتضحيات جسام وصبر لا يلين.
لقد كانت تلك المظاهرات تجسيدًا صادقًا لتشبث الجزائريين بالحرية والكرامة، حين خرجوا في وجه واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية، ودفعوا ثمناً باهظاً بأكثر من 45 ألف شهيد سقطوا في ميادين الشرف من أجل الانعتاق والتحرر.
وإنّ إحياء هذه الذكرى الجليلة، وفاءً لأرواح أولئك الذين عانوا الويلات والكوارث التي أبادت الإنسان والأرض، يُعد التزامًا وطنيًا متجدّدًا بالحفاظ على الإرث البطولي للشهداء، وتعزيز الوعي الجماعي بهويتنا الوطنية التي صاغتها الملاحم والمقاومات من جيل إلى جيل.
إنها لحظة مؤثرة تعيد إلى الأذهان استشهاد الآلاف من خيرة أبناء الوطن في سطيف، وقالمة، وخراطة، وعين تموشنت، ومدن أخرى، وتُثبت مدى ارتباط الشعب الجزائري بتمجيد تاريخه وأمجاده، ورفضه المطلق لأي نسيان لذاكرته الجماعية.
الجزائر اليوم، دولة سيدة، فخورة، منتصرة، تبني حاضرها على أسس صلبة، وتتطلع بخطى واثقة نحو تنمية مستدامة، يقودها مخلصون غيورون على وطنهم، يعملون بلا هوادة للحفاظ على مكانتها في المحيطين الإقليمي والدولي، متسلحين برصيد تاريخي مشرف وشعب عظيم لا يرضى بغير الحرية والعدالة.
ووفاءً لتضحيات نوفمبر ورسالة الشهداء، فإن الجزائر لا يمكنها القبول أبداً بالتفريط في ملف الذاكرة، أو تركه للنسيان والطمس.
إن الشعب الجزائري، الذي حوّل آلامه إلى أمجاد، لن تعيقه التحديات مهما بلغت حدّتها، بل سيزداد عزماً وثباتاً أمام كل من يستهدف مبادئه وسيادته. وسيواصل مسيرته بخطى راسخة نحو تحقيق الإنجازات الكبرى في البنى التحتية، ورسم مسار اقتصادي جديد يقوم على استثمار عقلاني في مقدرات الوطن الهائلة.
كما يبقى تحسين رفاه المواطن أولوية لا تحيد عنها الدولة، فالشعب الجزائري لطالما أثبت عبقريته في تجاوز المحن، مستلهماً من تاريخه المجيد ومن ذكرى الشهداء الذين نترحم عليهم في هذه المناسبة الخالدة.
تحيا الجزائر،
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.