
قد يصادف المرء في حياته عدة مشاكل و قد يفقد الأمل حتى أو ينهار نفسيا، لكن إذا كان هناك سند له و إذا ملك عقل واحد و قلب واحد في جسدين فهذا بالتأكيد لن يحدث، و لن تدفعه الظروف لذلك، و يلقب هذا السند باسم الصديق.

رفيق الدرب والحياة…
الصديق، وطن صغيرأخ آخر ليس له مثيل ، و نعمة لا يشعر بها إلا من ملكها ، هذا هو الصديق رفيق الدرب و الضيق ،رفيق الفصول الأربعة بقسوتها و جمالها ، فهو بمثابة نعيم في هذه الحياة و طمأنينة تسقط على القلب ، قد يكون الثلج هدية الشتاء ، وقد تكون الشمس هدية الصيف ، و الزهور هدية الربيع ، لكن أنت هدية العمر والدرب ، هذا ما أدعوه أنا بالصديق. علبة أسرار ، ليس أمواج بحار ، و التي لم و لن تفتح لأي كان ، مخفف الهموم و الأثقال. شمس في حلكة الليل و الظلام ، نار تدفئ في قسوة الجو و برودته. شعلة أمل وسط محيط الإحباط البائس اليائس ، و مظلة نقية بيضاء تحت الأمطار حامية ، هذا ما يطلق عليه اسم الصداقة ، و هذا ما يطلق عليه اسم الصديق .
عائلة جديدة
إنهم بمثابة عائلة أخرى أنجبتها الأيام. و جمعتنا بهم الأقدار ، لا يمشي ورائي فأنا لست قائده و لا يمشي أمامي كي لا أكون تابعه لكن سنمشي جنبا إلى جنب و تكون لي صديقا و سند ، لا شيء يفرقنا و لا شيء يبعدنا عن بعضنا البعض. قد نكون بعيدين و متواجدين في أماكن مختلفة لكن قلوبنا قريبة مهما ازدادت المسافات ومهما طالت ، و قد نختلف في بعض الأمور ، لكن حتما سيفقد كلانا الذاكرة في اليوم الموالي و يلم شملنا ثانيتا ، لأننا و بكل بساطة إخوة و نهايات أسمائنا هي التي اختلفت فقط ، فهذا ما دفع المرء لبنيان مدينة الصداقة حيث يقطن سكانها الأوفياء. مفتاحها الوفاء.
نعم فبكوننا أصدقاء نعرف ما معنى الوفاء ، ما معنى الصديق ، ما معنى الإخاء ، لذا فيا صديقي لا تنساني عندما يأتي الرحيل ، تذكر أننا كنا معا نمضي فالوقت الجميل ، معا غامرنا لوقت طويل أننا كنا نجري و نطير مثل عصفور صغير ، في السماء نطير و في الفضاء نجول ، اعلم أنك لي هواء و ليس للهواء بديل ،إني لا أحتاج إلى مئة صديق في يوم واحد ، بل أحتاجك أنت الواحد لمائة عام ، فإنك لأي شيء في هذا الكون لا تعادل ، اعلم أن لفي صحبتي لك لي شرف ، و في رفقتك أمان ،و أما نسيانك فمن المستحيل حدوثه ، و كم وودت إخبارك أنه لم يسبق أن غبت عن ذاكرتي .
منظر الصباح في هذا اليوم الجديد…السماء باسمة صافية، تبعث فيك الطمأنينة …

تمييز الصديق
الشيء الذي يميزنا هو أننا لا نسيء فهم بعضنا و كلانا يقدر ظروف الآخر ، بل كنت تقول حين أتألم و أبكم يا صديقي إن شعرت بالوجع و بكيت يوما ، فلا تنسى نصيبي مما يؤلمك ، لأنه ليس بالعدل أن نفرح سويا و تتألم أنت بمفردك ، و هذا كان أكبر ما يزيد من أملي كما كان يزيد من تماسك حبل الصداقة و صلابته ، لأنه لدي صديق يعادل ألفين نجمة تلمع في السماء ، دائما مضيء و دائما يمدني بالنور ، إنك صاحبي و ستبقى رفيق عمري ، إنك ضيائي في غياب القمر ، أنت أخي أنا ، فمن دونك أنت أحس أني غريب مثل مهاجر عن وطن يتيم وليس له قريب ، لكن تأكد يا رفيق عمري أننا سنبقى معا ، و أن افتراقنا ليس بالشيء القريب.
صاحب القلب الفريد
تأكد أنك صاحب القلب الفريد ، و لطالما أردت أن أخبرك بحقيقتي و هو أني لا أجيد تكوين الصداقات ، لكن سأفعل كل ما بوسعي فقط من أجل المحافظة عليها و على الصداقة التي تربطنا و الذكريات و الأوقات التي تجمعنا . فصداقتنا حقيقية مثل زهرة الجبل لكن زهرتنا تنبت في القلب و تتفتح في القلب و لكنها لا تذبل ، لأننا معا . و لا شيء أجمل من أن نشعر بتواجد من نحبهم إلى جانبنا دون أن نطلب منهم ذلك. بالمناسبة هل تعرف أني محظوظ بكونك بجانبي و بكونك رفيقي ، فسلام لك و على كل الذين لا تبدلهم الحياة . و لا تفرقهم الطرق . و لا تغيرهم الظروف . لأن الثقة أساسهم . و الوفاء شعارهم . و أما سعادتهم فهي إرضاء غاية أصدقائهم . نعم صدق ابن المبارك حين قال :
إذا صاحبت فاصحب ماجدا ذا عفاف و حياء وكرم
قوله للشيء لا إن قلت لا و إذا قلت نعم قال نعم
هذا هو الصديق الحقيقي ، و هذه هي أفعاله التي ترمز بالفخر و الحب الذي يربطنا و يجمعنا ، و جميعنا يعرف أننا لسنا المسؤولين عن ترتيب مكانة الناس في قلوبنا بل أفعالهم هي من تفعل ذلك ، لكن أنت استوليت على القلب كله و ليس جزء منه فقط و اعلم أنه ليس ليوم أو يومين بل سائر أيامي حتى يسدل وجهي بالتراب ، و آخذ آخر نفس لي ، و مع كل ذلك أنت لو سألتني ماذا ينقصك الآن لقلت لك اقرأ أول كلمة و التي هي أنت ، نعم أنت صديقي أنا .
