
الذهنية العلمية
جيل يخلف جيلا، عن جد و أب و ابن ثم حفيد، وها نحن الآن في القرن الواحد و العشرين ، جيل جديد لكنه مختلف عن أبائه و أجداده ، حيث يتعلم في حياته، لجعلها له ليست بمشكلة يجب حلها وإنما حقيقة يجب تجربتها ، الأمس بعبرة و اليوم بخبرة، وغدا تصحيح خطوة، وهذا ما اعتمد عليه المرء ليصل إلى ما هو عليه الآن، أو بصيغة أخرى لجوءه للذهنية العلمية .
الذهنية العلمية هي التفكير العلمي وطريق لفهم العالم من حولنا بشكل أفضل، وكيفية التكيف معه، إذ تعد من الطرق المهمة علميا وعمليا في حياتنا اليومية، بكونه يدرس الطبيعة، أو بالأخص المحيط الذي نعيش فيه. ويعتمد فيها العالم على أسسها التجريبية باستخدام الحواس، والعقلانية انطلاقا من المنطق. والشك أي توسيع لكل فكرة، حيث هناك جوانب عديدة للذهنية العلمية، والمتمثلة في الفضول الذي يميزنا عن باقي الكائنات، إذ تواجهنا تساؤلات فردية دائمة حول الأمور التي تحيط بنا، كيف؟ ولماذا؟ متى؟ و أين؟ أو على أين؟
مما يجعلها توجهنا نحو معرفة السبب أو المصدر وكيف وصلت إلى هذا النحو أم يمكن لها أن تتغير بعد زمن، كلها أسئلة نريد لها أجوبة.
كما يأتي أيضا العقل المتفتح، وهي وسعة الخيال والفكر، وتأييد لكل الاحتمالات أنها ممكن أن تكون صحيحة، لتطبق مبادئها في الواقع، من خلال احترام كل حقيقة ودليل، بل العالم في بحث دائم عن دليل لدعم حقيقته، فنضع المعرفة والمعلومة التي تحصلنا عليها موضع الممارسة والتنفيذ والتطبيق، وهذا ما جعل من الذهنية العلمية مهمة في حياة اليوم، إذ باتخاذ منهجها المدقق تصحح كل قانون و معرفة خاطئة في الكون.
لقد ألغت هذه الذهنية كل الخرافات والأساطير كانت تسيطر على أبائنا و أجدادنا، لكن اليوم كل علم ومعرفة هي تفكر في الكون واحترام الحقائق المثبتة بالأدلة إذ يراها اوغست كونت قدرة في قوله : (المعرفة هي القدرة) حيث بالتجربة والفضول ألغيت الفكرة الخاطئة بكون الأرض مسطحة، وأنها كروية الشكل، في عام 250قبل الميلاد، أثبت الفيلسوف الإغريقي ايراتوسين أن الأرض كروية مستدلا بعصا و زاوية سقوط الشمس، وأيضا بعد رحلة بفردناند ماجلان حول العالم، وقد حافظنا على هذه الفكرة الصحيحة، من يوم تصحيحها إلى يومنا هذا، وبالطبع مع أدلة و حقائق معتمدة عل المنطق، مما يدل أن الذهنية العلمية بالفعل تصحح الخطأ .
لذا فإن الذهنية العلمية تصحيح للمعرفة وتوسيع إطارها، بل إنقاذ البشرية من التفكير الخرافي وإدماجه مع الواقع الذي يعتمد على المنطق، فابحث عن المعرفة لأن المعرفة لا تبحث عن أحد، لتصحح الفكرة الشائبة. و تعيش في الحقيقة الصادقة .