
ميكسيم جوركي : الحرية هي أول خمس دقائق ولدت فيها أبكي عاريا، بلا اسم، بلا خطيئة، بلا توجيهات، وبلا حقد بشري .
زياد الرحباني : بعد خمس دقائق من ولادتك، سيقررون اسمك، جنسيتك، دينك و طائفتك، وستقضي حياتك تقاتل وتدافع عن أشياء لم تخترها .
أي بالاختصار العام، الحرية لا تقصد فقط بالأغلال و إنما حتى في الاختيارات. ( طريق حياتك، وظيفتك، هوايتك، صديقك، شريك حياتك، و حتى شخصيتك…) هذه كلها حريتك أنت…لكن دائما نعود إلى الإنسان نفسه، ذلك الإنسان القوي الذي صنع للإنسان الضعيف سلاسل وأغلالا، وسماها تارة ناموسا وأخرى قانونا، يظلمه باسم العدل، ويسلب منه جوهرة حريته باسم النظام.
وبعد هذا يتركه قلقا حذرا، مروع القلب، مرتعد الفرائص ، يقيم من نفسه على نفسه حراسا تراقب حركات يديه و خطوات رجليه و حركات لسانه، و خطوات وهمه وخياله، (على أساس أنه في حرية) لكن هذا من أجل النجاة من العقاب المستبد والتخلص من عذابه . فويل له من كثرة جهله، و ويح له ما أشد حمقه !فلا سجنا أو عذاب أكبر من الذي هو فيه و الذي يعالجه ؟
لأن الحرية لا تعني هذا، بل ما تعنيه هو أن يأكل ويشرب كل ما تشتهيه نفسه، وما يلتئم مع طبيعته، لكن حالوا بينه و بين ذلك ، و عوضوا ذلك بالخوف من المرض و الموت، وأبوا أن يأكل أو يشرب إلا كما طلب الطبيب ويريد، وأن يتكلم إلا كما أراد الحاكم الديني والسياسي، وأن لا يقوم بأي حركات إلا كما تقضي به قوانين العادات والمصطلحات .
لكن لا سبيل للسعادة في حياته إلا إذا عاشها حرا طليقا لا مسيطر عليه.
و كيف لا و قد خلق طليقا كطيف النسيم، و حرا كنور الضحى في سماه.
لتبقى بذلك الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروما منها و من نورها، عاش في ظلمة حالكة.
صدق رمضان حمود حين قال :
لا تلمني في حبها و هواها لست أختار ما حييت سواها
هي عيني و مهجتي و ضميري إن روحي و ما إليه فداها
فهي الحياة بمعنى آخر، لكني الآن أسأل ذلك القوي عن، أحاسيسه، و هو يستعبد الناس و قد ولدهم أمهاتهم أحرارا ؟
ريمة جريدي (17سنة)